أين التعديلات لقانون الضريبة العقارية؟
أين التعديلات لقانون الضريبة العقارية؟</SPAN>
بقلم* : نبيل زكي
في مؤتمر شعبي بمحافظة كفر الشيخ يوم *17 يناير الماضي،* اعلن الرئيس* حسني مبارك ان موضوع الضرائب العقارية* لم يحسم بعد،* وانه يفكر في مد فترة تقدير قيمة العقار والضرائب المستحقة عليه لتصبح عشر سنوات بدلا من خمس سنوات مع وضع معدل التضخم في الاعتبار عند اعادة التقدير،* وانه سيتم بحث التدرج في نسبة الضريبة لتبدأ علي سبيل المثال،* من واحد في* المائة ثم تزيد تدريجيا*.
وكل من استمع إلي تصريحات الرئيس مبارك ادرك* - بحق*- انها تعني ان قانون الضريبة العقارية في حاجة إلي المزيد من المناقشة المجتمعية لتعديله*.. وظهر بعد ذلك ما يشبه الاجماع علي ضرورة اعفاء* السكن الخاص من هذه الضريبة*.. ونشرت الصحف ان لجنة الاقتراحات* والشكاوي بمجلس الشعب وافقت علي طرح هذا الاعفاء للمناقشة وإحالة الموضوع إلي اللجنة التشريعية*.
وذكرت* »الأخبار*« بتاريخ *19 يناير الماضي ان وزارة المالية اكدت،* في بيان لها،* بدء تنفيذ تعليمات الرئيس مبارك بشأن التدرج في تطبيق الضريبة العقارية*.. ولكن تصريح الدكتور يوسف* غالي وزير المالية كان يشير إلي خلاف ذلك،* فقد قال انه* »لانية لتغيير القانون*«! كما ان اشرف العربي،* رئيس مصلحة الضرائب المصرية السابق،* صرح بان قانون الضريبة العقارية* »يقصد*: بشكله الحالي*« يحقق التدرج في العبء الضريبي* »أي انه لا حاجة لإدخال أي تعديل أو اجراء أي مناقشة*!«*.. وبالفعل،* مضي اليوم أكثر من شهر علي تصريحات الرئيس بمحافظة كفر الشيخ ولم نسمع ان وزارة المالية تقدمت إلي مجلس الشعب بمشروع تعديل لقانون الضريبة العقارية،* ولا يبدو في الأفق ما يشير إلي انها تعتزم اتخاذ هذه الخطوة*!
ومعني ذلك ان وزارة المالية* - وربما الحكومة كلها*- تري ان موضوع الضرائب العقارية تم حسمه بالفعل،* علي خلاف قول الرئيس مبارك بان الموضوع لم يتم حسمه بعد*.. وكان الاعتقاد السائد هو ان مجلس الشعب سوف يتفادي الحكم علي قانون الضريبة العقارية بعدم الدستورية إذا ادخل تعديلا لإعفاء المسكن الخاص من الضريبة بعد ان أكد العديد من رجال القانون والخبراء ان الدستور ينص،* بشكل صريح علي انه لا ضريبة إلا علي دخل،* وان الأصول* - في حد ذاتها*- التي لا تحقق دخلا*.. لا تخضع للضريبة،* وبالنسبة لوحدات السكن الخاص فانها تعد أصولا عقارية لا تحقق دخلا ولا تجلب إيرادا لمالكها مهما تكن قيمتها المادية،* وبالتالي فانها لا تخضع لضرائب عقارية*.
ويقول المستشار محمد محمود مصطفي ان المادة *34 من الدستور تنص علي ان* »الملكية الخاصة مصونة*«،* فلا يجوز فرض ضريبة علي أصل رأس المال،* وإنما تفرض علي عائد رأس المال أو ما يحققه من ايراد،* لأنه لو كانت الضريبة،* مثلا،* عشرة في المائة من قيمة الوعاء الضريبي،* فانها بعد عشر سنوات تكون قد صادرت ملكية هذا الوعاء الضريبي بالكامل*.
وأي ضريبة تفرض علي عقار يشغله مالكه سكنا له ولأسرته هي ضريبة تقتطع من أصل رأس* المال،* أما إذا اجره للغير*.. فإنه تخضع للضريبة*.. وإذا قيل ان قيمة العقارات قد تضاعفت في السنوات الأخيرة،* وانه لابد من اداء حق الدولة في هذه الزيادة،* فان الرد علي ذلك هو*: إذا كان المواطن يقيم في العقار المملوك له،* فما الفائدة التي عادت عليه من الزيادة المطردة في قيمة العقار* »؟*« وخاصة* - كما يقول المستشار محمد مصطفي*- أن المالك اشتري هذا العقار من ايرادات سبق ان دفع عليها ما تستحقه من ضرائب*.. وإذا كان اشرف العربي قد اعتبر ان العبء الضريبي الذي تفرضه الضريبة العقارية علي الأغنياء بسيط*.. فإن هذا العبء لن يكون بسيطا بالنسبة لغير الأغنياء*.
ويطالب الدكتور عادل المهدي،* أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان،* باعفاء السكن العائلي من الضريبة،* لأن هذا العقار لا يدر ربحا ولا دخلا علي صاحبه*.
والدكتورة عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة،* علي حق ايضا عندما تطالب باعادة النظر في الحد الأدني للاعفاء* »مع كل تقدير جديد بنفس النسبة التي تتحرك بها قيمة العقار*«.. ومعلوم انه حتي الذين يتم اعفاؤهم في فترة التقييم الأولي*.. يخشون ان تشملهم الضريبة في التقييم التالي*!
ويلفت وكيل وزارة المالية السابق وخبير الضرائب محمد عبدالحميد الشرقاوي نظرنا إلي خطأ في تطبيق قانون الضريبة العقارية يرتبط بالاعلان عن الزام جميع ملاك الوحدات بتقديم اقرارات الضريبة،* بما في ذلك التي تقل قيمتها الايجارية السنوية عن ستة آلاف جنيه،* في حين ان القواعد الضريبية المستقرة لاتلزمهم بتقديم هذا الاقرار*.. كما ان ملاك العقارات المعفاة من الضريبة بنص القانون* - مثل الأبنية المملوكة للجمعيات والمؤسسات التعليمية والمستشفيات*- غير ملزمين بتقديم الإقرار*.. فالقاعدة هي ان* غير الخاضع للضريبة والمعفي منها لا يقدم إقرارا ضريبيا ولا يتم إلزامه بذلك*.
وهناك ملاحظة أخري،* وهي ان ما شهدته مأموريات الضرائب العقارية من فوضي وتزاحم وتحولها إلي سوق سوداء يبيع الاقرارات الضريبية المجانية* »وما يعنيه ذلك من تربح وفساد يعاقب عليهما القانون*« يطرح تساؤلات حول كفاءة وقدرة وزارة المالية،* وحول عدم توافر ضمانات تكفل حماية المواطنين من التعسف في تطبيق الضريبة العقارية*.. ومن التقديرات الجزافية التي تستند إلي ما يسمي بالقيمة السوقية للعقار*.
ولكن وزير المالية يصر علي ان القانون لن يتغير ويصر علي تطبيقه بما فيه من اخطاء،* ويريد أن يضع المواطن في دوامة بحيث يترك أعماله ومتطلباته المعيشية لكي يلهث وراء لجان الطعن لتصحيح التقديرات الجزافية ثم يلهث في أروقة محكمة القضاء الإداري سعيا وراء العدل*.
وكان الوزير الأسبق الدكتور سلطان أبوعلي موفقا عندما ذكر من بين أمنياته لعام *2010 ان تحل اعتبارات التنمية محل الجباية في نظرة وزارة المالية،* وان تتطلع إلي تنمية المجتمع وليس تحصيل رسوم الضرائب*.. ولكن معيار نجاح وزارة المالية في زيادة مواردها أصبح يتمثل في فرضها رسوما علي كل شئ*.
وفي مواجهة تأكيدات الدكتور* غالي بان إجراء تعديلات تشريعية علي قانون الضريبة العقارية*.. أمر* غير مطروح علي الاطلاق*.. جاء المؤتمر الرابع عشر لوحدة بحوث الأزمات والكوارث بكلية التجارة في جامعة عين شمس لكي يطالب بضرورة تأجيل تطبيق قانون الضريبة العقارية لعدم ملاءمة تطبيقه مع ظروف الأزمة العالمية،* بالاضافة إلي ضرورة رفع معدل التصاعد في الضريبة علي الدخل للشرائح العليا لدخول الافراد إلي ثلاثين في المائة* »وهي عشرون في المائة حاليا*« لفترة مؤقتة لزيادة الايرادات العامة لحين الخروج من الأزمة،* كما فعلت الدول الصناعية الكبري،* وفي مقدمتها أمريكا*.
والمؤكد ان الدكتور* غالي لن يقدم علي هذه الخطوة رغم ان رفع ضرائب الدخل علي اصحاب المليارات* »ولو بنسبة خمسة في المائة فقط*« سوف يدر علي خزانة الدولة اكثر من ضعف عائدات الضريبة العقارية،* والسبب في رفضه للفكرة انها لن تلقي تأييد الاحتكاريين واصحاب السطوة والنفوذ،* علي حد تعبير زميلنا العزيز جلال دويدار*.
02-22-2010, 09:17 AM
تعليمات المشاركة
العرض العادي
