عرض مشاركة واحدة
قديم 08-25-2011, 07:28 PM
  #63
حسام هداية
 الصورة الرمزية حسام هداية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,163
افتراضي مشاركة: قصص من بريد الأهرام - قراءة في بعض ما كتب الرائع عبد الوهاب مطاوع


النبـــع الصـــافي‏!‏


بـريــد الأهــرام
42935
‏السنة 127-العدد
2004
يونيو
25
‏7 من جمادى الأولى 1425 هـ
الجمعة




أنا مدرس نشأت في أسرة متوسطة لأب قضي جل عمره في القوات المسلحة متطوعا ثم قدم استقالته وعمل سائقا لسيارة أجرة‏.‏


وقد ربانا أبي علي العزة والكرامة وتحري الحلال في كل كبيرة وصغيرة‏,‏ حيث إنه حاصل علي الإعدادية الأزهرية ومازالت ذاكرته تحفظ أكثر من ثلثي القرآن والحمد لله‏,‏



وقد تخرجت في كلية الآداب وعملت مدرسا للغة العربية والحمد لله‏,‏ فقد نجحت في عملي ولمع نجمي في مجال الدروس الخصوصية إلي حد أنني لم أكن أجد وقتا للنوم إلا في نفس الشقة التي ألقي فيها دروسي‏,‏ وأكرمني الله وتزوجت وأنعم الله علي بولد جميل ومضت الحياة بي كأجمل ما يكون‏.‏


ثم توالت البلايا بادئة بمشكلات زوجية شبه مختلقة لأني والحمد لله زوج لا أزعم أنني مثالي‏,‏ لكني أتقي الله في زوجتي‏,‏ فإن أحببتها أكرمتها وإن أبغضتها لم أظلمها‏,‏ واستشرت البعض في سبب هذه المشاكل المفتعلة فأشاروا علي بإخراج صدقات لوجه الله ففعلت‏.‏ وسألت بعض المشايخ فقالوا لي‏:‏ عليك بتحري الحلال في مأكلك ومشربك مع أني أبذل العرق والجهد في كل قرش أكسبه‏.‏



ثم كانت القشة التي قصمت ظهري يوم أن أصيب والدي في حادث بسيارته الأجرة ماتت علي إثره ابنة أختي ذات السنوات الثلاث وكانت إلي جواره عند وقوع الحادث‏,‏ وتلقيت الخبر بالتليفون فوقع علي كالصاعقة‏,‏ وطيلة الطريق وأنا أدعو أن ينجي الله والدي‏,‏ ودخل أبي حجرة العمليات وبقي فيها ست ساعات مرت علينا كالدهر‏,‏ وعلمنا من الأطباء أنه أجريت له عملية ترقيع للحجاب الحاجز ورفع للرئتين وخياطة للكبد‏..‏


ورافقت والدي في المستشفي ستة وعشرين يوما لا أفارقه‏,‏ فقد كان مثل طفل صغير يحتاج لمن يقوم علي أبسط حاجاته‏.‏


وذات يوم وأنا أري أبي يكابد الآلام أقسمت علي نفسي ونذرت ألا أعطي دروسا خصوصية أبدا‏,‏ لعل الله يرفع عنا هذا البلاء‏,‏ ثم من الله علي والدي بالشفاء وعادت الحياة تضغط علي بمطالبها وراتبي كما تعلم لايكفي‏,‏ وعرض علي أبي أن يساعدني بحزء من معاشه لكني اعتذرت له شاكرا لأن إصلاح السيارة التهم كل ما ادخره أبي من كده ومعاشه‏..‏ وسألت أهل الفتيا فقالوا من نذر أن يطيع الله فليطعه فاستمررت في رفض اعطاء أي درس وانسحبت من سوق الدروس الخصوصية‏,‏ وبالرغم من إنني أعاني إلا أنني والحمد لله مصر علي موقفي وثابت علي قسمي ونذري بارا به والحمد لله علي كل حال‏.‏



ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏


لا بأس بما فعلت مادمت راضيا عن نفسك وتري أنك أفضل حالا بعده‏..‏ فالمهم هو أن يتوافق كل إنسان مع نفسه ومع أفكاره وأن يكون سلوكه متسقا مع ما يؤمن به من قيم ومبادئ حتي ولو لم يشاركه كثيرون فيها‏,‏ فينجو بذلك من ازدواج الفكر والسلوك‏,‏ فإذا كان باب الرزق من الدروس الخصوصية قد أغلق بالنسبة لك الآن‏,‏ فثق من أن الله سبحانه وتعالي سوف يعوضك عنه بمصادر أخري لا تستشعر أية غضاضة وأنت تنهل من نبعها الصافي بإذن الله‏.‏


__________________


حسام هداية غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس