
مشاركة: سوق المحاسبين في قبضة الأجانب
بسم الله الرحمن الرحيم
المحاسبة القانونية والمشاكل التي تواجهها
محاسب -محمد شعبان الششتاوي
رئيس اللجنة المفوضة من التجاريين " سابقاً "
نظراً للاتجاه العالمي لاقتصاديات السوق والسماح بحرية التجارة الدولية والخدمات وإزالة الحواجز الحدودية أمامها بما يجعل العالم كله كياناً واحداً يمكن التحرك داخله بحرية دون قيود وذلك في إطار اتفاقية الجات ولما كانت مهنة المحاسبة القانونية من الخدمات الهامة في هذا الاتجاه ومؤثرة فيه ومتأثرة به.
لذلك كان لابد من تطوير وتنظيم مهنة المحاسبة القانونية وحل المشاكل والصعوبات التي تواجهها بما يخدم خطط التنمية الاقتصادية حيث إن مهنة المحاسبة القانونية لم تعد مراجعة الحسابات والقوائم المالية بل شملت تخصصات أخري مثل دراسات الجدوي وخدمة تقييم وتثمين المشروعات وحسابات الضرائب وتنوعت الحسابات والتقارير التي تقدم عنها كل ذلك يحتاج إلي إعداد جيد وتنظيم للمهنة بما يساعد علي توجيه النشاط الاقتصادي وإعادة هيكلته حتي تتحقق التنمية الشاملة بما يحقق صالح الوطن والمواطنين.
وفي نبذة تاريخية عن مهنة المحاسبة فإنه قبل عام 1951 لم يكن هناك تشريع لتنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة في مصر وإنما أمر ملكي بإنشاء جمعية لتنظيم المهنة في عام 1946 إلا أنها فشلت في تحقيق الغرض من إنشائها في ذلك الوقت مما دفع المسئولين والملك بإصدار أول تشريع لتنظيم المهنة برقم 133 لسنة 1951م والذي مازال سارياً حتي الآن رغم صدور القانون 394 لسنة 1955م بإنشاء نقابة المحاسبين والمراجعين المصرية والذي كان يهدف إلي رعاية مصالح المحاسبين وحمايتهم وتطوير مهنتهم.
ومع بداية عام 1972 كان هناك سعي لتجميع قوي الشعب لمساندة السلطة في مرحلة اللاسلم واللاحرب مما ساعد أصحاب المصالح علي استغلال هذه الظروف لتحقيق مآربهم بضرب نقابة المحاسبين التي كانت في مرحلة ضعف والإنقضاض عليها بحجة أن النظام الاشتراكي هو نظام اجتماعي أساسه الملكية العامة لأدوات الإنتاج وتنظيم الاقتصاد القومي وفقاً لأسلوب التخطيط الشامل وأن مهنة المحاسبة والمراجعة لا تفي وحدها في هذا الاتجاه حيث يجب تنظيم المهن المرتبطة بها بشكل شامل. وهذه المهن هي الإدارة والاقتصاد والتسويق والإحصاء والتأمين وبناء علي ذلك صدر القانون 40 لسنة 1972 بإنشاء نقابة التجاريين التي تضم في عضويتها أعضاء نقابة المحاسبين الملغاة وكذلك خريجو بكالوريوس التجارة شعبة إدارة أعمال واقتصاد وإحصاء وتأمين وكذلك خريجو دبلومات التجارة والمعاهد الفنية التجارية وظل هذا الوضع حتي الآن رغم التحولات الاقتصادية والسياسية الكبيرة التي حدثت خلال الخمسة والثلاثين عاماً منها إعادة هيكلة الاقتصاد المصري والتحول من الاشتراكية إلي الرأسمالية وخصخصة أدوات الإنتاج والتحول إلي القطاع الخاص وقد أدي ذلك إلي ظهور كثير من المشاكل والتحديات التي تواجه مهنة المحاسبة والقائمين بها والتي يمكن حصرها فيما يلي:
1" ضعف مستوي الأداء المهني وذلك لعدم وجود هيئة تدريب تقوم بتدريب المحاسبين وإعدادهم لمزاولة المهنة ومدهم بأحدث الوسائل والأساليب المهنية العالمية حيث يكون لهذه الهيئة القدرة المالية والفنية والقانونية من خلال تنظيم النقابة في شكل اتحاد يضم ثلاث نقابات هي نقابة المحاسبين القانونيين أسوة بالمحامين ونقابة التجاريين "أسوة بالمهندسين" ونقابة المهن التجارية "أسوة بالتطبيقيين".
2" حدوث تميز واحتكار بين مزاولي المهنة نتيجة لعدم وجود جهة واحدة للتنظيم والإشراف عليها أسوة بنقابة المحامين.
لقد أدي عدم وجود نقابة للمحاسبين القانونين إلي ظهور التميز الناتج من لجنة قيد المحاسبين والمراجعين بوزارة المالية حيث يتكون أعضاؤها من ستة أعضاء منهم ثلاثة من جمعية المحاسبين والمراجعين المصرية حيث يقومون بقيد أعضاء هذه الجمعية مباشرة في سجل المحاسبين والمراجعين ومنحهم حق مراقبة حسابات الشركات المساهمة بينما زملاؤهم في المكاتب الأخري لا يمنحون هذا الحق إلا بعد 8 سنوات وذلك بالمخالفة للقانون 133 لسنة 1951م والقانون 32 لسنة 1964م بشأن تنظيم الجمعيات والحياة المدنية في مصر حيث ألغيت هذه الجمعية قانوناً واعتبرت منحلة بحكم القانون في أغسطس 1964م ولكن بوسائل الغش والتدليس اعتبرت الجمعية المؤسسة في عام 1977 برقم 2280 لسنة 77 بإدارة عابدين هي الجمعية الملكية والمؤسسة بأمر ملكي عام 1946م بدون وجه حق.
3" ضعف الرقابة علي مكاتب المحاسبة وممارسة المهنة:
لقد أدي وجود جهتين إداريتين تتبعهما المهنة والقائمون بها وهما سجل المحاسبين والمراجعين بوزارة المالية ونقابة التجاريين إلي عدم وجود رقابة فعالة علي هذه المكاتب مما أدي إلي تسجيل وقيد أشخاص غير مؤهلين لمزاولة المهنة وتدريبهم محاسبين تحت التمرين أو مزاولة المهنة وهم موظفون حيث حصلوا علي رقم قيد بالسجل واستمروا في وظائفهم أو مارسوا المهنة باسم مستعار لمحاسب متوفي مما أدي إلي إهدار حقوق المحاسبين القانونيين والإساءة لهم. ولعلاج ذلك لابد من وجود لجنة متخصصة تابعة للنقابة لها سلطة الضبطية القضائية يمكنها التفتيش علي مكاتب المحاسبة وضبط وإثبات المخالفات القانونية والمهنية أسوة بنقابة المحامين.
4" قيام بعض الجهات "الجهاز المركزي للمحاسبات والبنك المركزي وسوق المال" بعمل سجلات لمزاولي المهنة لديها ووضع شروط للقيد بها بالمخالفة للقانون 133 لسنة 1951 وقد قامت بعض الجهات بإحداث تميز بين المحاسبين المصريين. حيث اعتبرت عضوية جمعية المحاسبين والمراجعين المؤسسة عام 1977 والعاملين بمكاتب معينة شرطاً للقيد بهذه السجلات مما ساعد علي الاحتكار وسيطرة فئة معينة علي أكثر من 80% من مراجعة حسابات الشركات والبنوك وقد أدي ذلك إلي إهدار وضياع أكثر من 200 مليار جنيه من أموال البنوك والمجتمع وتعثر كثير من الشركات لعمل دراسات جدوي غير سليمة.
ومن أمثلة ذلك أمامنا بنك القاهرة والنيل والتجاريين والمهندسين والاسكندرية وقضايا نواب القروض.
ولعلاج ذلك لابد من اعتماد مشروع قانون نقابة للمحاسبين القانونين أسوة بالمحامين والنص فيه علي إلزام كافة المؤسسات والشركات بإمساك الدفاتر التجارية المنتظمة وذلك بهدف خلق فرص عمل وإظهار الأرقام الحقيقية لرءوس الأموال المستثمرة مما سوف يوفر المعلومات السليمة التي تساعد علي إعداد دراسات جدوي سليمة مع ضرورة اعتماد دراسة الجدوي من محاسب قانوني وتنظيم القيد بالنقابة والاستفادة من التخصص والخبرة وذلك بإنشاء ثمانية جداول هي جدول محاسبين تحت التمرين وجدول مراجعي الحسابات وخبراء الضرائب وجدول مراقبي الحسابات وجدول خبير تقييم وتثمين المشروعات وجدول المحاسبين القانونيين وجدول غير المشكلين وجدول خبراء أجانب والتعاون مع الجهات المعنية في إجراء الدورات وجعل اجتياز الامتحانات والدورات التدريبية أساساً في النقل من جدول إلي آخر.
5" ضياع آداب المهنة وقيام المنافسة غير الشريفة بين القائمين بها لقد أدي عدم وجود نقابة مستقلة للمحاسبين إلي عدم وجود كيان مهني واجتماعي موحد يحافظ علي الآداب المهنية من خلال تقنينها والتقارب الاجتماعي بين أعضائها مما أدي إلي قيام منافسة غير شريفة والتعدي علي أعمال الآخرين دون مراعاة لقواعد السلوك والآداب المهنية والأخلاقية.
6" منح حق مزاولة المهنة مباشرة للوظائف النظيرة من العاملين بالجهات الحكومية مثل "مراجع الحسابات ومأمور الضرائب وخبير وزارة العدل ورئيس الحسابات ومدير الشئون المالية والإدارية" لقد أدي منح هؤلاء القيد مباشرة إلي ضعف المهنة لأن طبيعة عملهم تختلف كثيراً عن طبيعة عمل المحاسب القانوني ونوعية الحسابات تختلف أيضاً حيث الأساس فيها المحاسبة الحكومية مما رأي البعض ضرورة استبعادهم من القيد.
ولكننا نري أنه يجب أن تكون الفرصة متاحة أمام الجميع دون الإضرار بالمستوي المهني وذلك من خلال إعادة تنظيم القيد وكذلك بإنشاء هيئة تدريب بالنقابة.
7" دخول المكاتب الأجنبية وفروعها مصر ومزاولتها المهنة بالمخالفة للقانون 133 لسنة 1951م.
إن اتفاقية الجات أتاحت الفرصة إلي إمكانية دخول مكاتب المحاسبة الأجنبية وفروعها مصر مما سوف يؤدي إلي الإضرار بالاقتصاد المصري والمعلومات الاقتصادية من خلال سيطرتهم علي ذلك لضعف القدرة المالية والفنية للمحاسبين المصريين والناتج من احتكار قلة لمعظم الأعمال المهنية في مصر وعدم تنظيم المهنة ورفع مستوي القائمين بها وفتح الباب أمام هذه المكاتب دون ترتيب البيت سوف يؤدي إلي كارثة وسيطرة الأجانب وضياع فرص العمل ولمواجهة ذلك لابد من اعتماد مشروع نقابة المحاسبين القانونيون الذي سوف يوحد الجهة التي يتبعها المحاسبون القانونون ويقوي قدرتهم المالية والفنية والمهنية حيث يمثل تكتلا منظماً لكل المحاسبين القانونيين المصريين وإتاحة الفرص من خلالها لتكوين شركات محاسبة مهنية بجانب حرية المحاسب القانوني للعمل منفرداً وتنظيم القيد وتطويره وإنشاء هيئة تدريب تابعة للنقابة كل هذا سوف يرفع مستوي المهنة ويزيد القدرة علي المنافسة مع المكاتب الأجنبية في الداخل والخارج.
8" انعدام الحماية القانونية والمهنية للمحاسب القانوني: إن الحماية القانونية مرتبطة بالكيان المنظم والمشرف علي المهنة فكلما كان هذا الكيان موحداً كانت هناك حماية مثل نقابة المهندسين أو المحامين أو الأطباء فوجود كيان مهني موحد للمحاسبين لأعضائه حقوق متساوية وواجبات والتزامات متساوية سوف يؤدي إلي توافر الحماية القانونية والمهنية لهم. أما الوضع الحالي للمحاسبين القانونيين فهم قلة داخل كيان متنافر يضم أكثر من مليون عضو من الحاصلين علي دبلوم التجارة وبكالوريوس التجارة "إدارة - محاسبة - ضرائب - تأمين - اقتصاد" وبالتالي يصعب تكوين رأي مهني من خلال الجهاز المسيطر علي نقابة التجاريين ومن هنا تنعدم الحماية وقد وضح ذلك جلياً عند اتهام المحاسبين في قضية تعثر بعض الشركات وقضية البنوك ونواب القروض وعند اعتماد قانون الضرائب الذي نص علي إجراءات جنائية ضد المحاسب القانوني ولعلاج ذلك لابد من اعتماد مشروع قانون نقابة المحاسبين القانونيين أسوة بالمحامين.
9" ضياع وإهدار حقوق مالية كثيرة للمحاسبين لدي المؤسسات والشركات:
نظراً لعدم وجود لجنة لتحديد الأتعاب لها سلطة أداء وقدرة علي التقييم الصحيح للأتعاب ضاعت أموال وحقوق كثيرة للمحاسبين حيث إن اللجنة الموجودة بنقابة التجاريين الآن تشكل من أعضاء تجاريين معظمهم غير ممارس ومزاول لمهنة المحاسبة. بالإضافة للتباطؤ الشديد في اتخاذ قراراتها ومطالبة المحاسب لعرض مشكلته عليها دفع نسبة عالية من الأتعاب المستحقة مما يرهق كاهله دون عائد وإذا صدر قرار فهذا القرار غير ملزم ولمعالجة هذه المشكلة لابد من اعتماد مشروع قانون نقابة المحاسبين القانونيين أسوة بنقابة المحامين.
10" عدم وجود رعاية صحية واجتماعية واقتصادية للمحاسبين القانونيين أسوة بأعضاء المهن الأخري:
لقد ضاعت حقوق التجاريين والمحاسبين القانونيين وأهدرت مواردهم من خلال التنظيم القائم الآن لتنافر القائمين عليه وجمود موارد النقابة منذ أكثر من خمس عشرة سنة وسوء استثمار مواردها مثل بنك التجاريين والتكافل الاجتماعي وقد انعكس ذلك علي المحاسب القانوني حيث إن المحاسبين القانونيين أعضاء في هذا الكيان وبالتالي إذا أصيب المحاسب أو أحد أفراد أسرته أو احتاج لجراحة لا يجد من يرعاه.
فإذا لجأ للنقابة الحالية يطالب برسوم ومبالغ قد تزيد عما يصرف له بعد ذلك هذا. بالإضافة لقلة المعاش الذي يقل عن معاش الضمان الاجتماعي.
ولعلاج ذلك كله لابد من إنشاء كيان اجتماعي واقتصادي للمحاسبين القانونيين أسوة بالمحامين من خلال إعادة تنظيم نقابة التجاريين في شكل اتحاد يضم ثلاث نقابات أسوة بالمهندسين والأطباء هم نقابة المحاسبين القانونيين ونقابة التجاريين ونقابة المهن التجارية والذي سوف نوضحه في المقال القادم.
المصدر : موضوع قديم بموقع الجمهورية أونلاين و الهدف منه رؤية مستقبلية
http://www.gom.com.eg/algomhuria/200...detail00.shtml
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
__________________
محاسب قانونى
أحمد فاروق سيد حسنين
اسألكم الدعاء لأبي وأمى بالرحمة والمغفرة
التعديل الأخير تم بواسطة أحمد فاروق سيد حسنين ; 08-11-2009 الساعة 02:56 AM