
مشاركة: الإصلاح الوظيفي.. النجاح مرهون بإدارة الموارد البشرية
المؤسسة الصحية
وفي وقفتنا مع تفاصيل ثغرات إدارات مواردنا البشرية في مؤسساتنا الصحية أوضح لنا الأستاذ الدكتور مازن فارس رشيد رئيس قسم إدارة الموارد البشرية بكلية إدارة الأعمال جامعة الملك سعود، أن إدارة الموارد البشرية لها دور أساسي في قيادة التخطيط، ووضع السياسات بالإضافة إلى إدارة الموارد البشرية في المنظمات بمختلف أشكالها، وتزداد أهمية إدارة الموارد البشرية في المؤسسات الصحية، حيث إن القوى العاملة في هذا القطاع لها خصائص فريدة، فالقوى العاملة في المجال الصحي كبيرة ومتنوعة تتضمن العديد من المهن من أطباء وممرضين وفنيين وإداريين وغيرهم كل فئة منها لها احتياجاتها الخاصة.
وأضاف أن وظائف إدارة الموارد البشرية في المؤسسات الصحية شهدت في الوقت الحاضر الكثير من التطورات، نتيجة التغييرات الكبيرة في العلوم والتكنولوجيا وكذلك متطلبات الرعاية الصحية، الأمر الذي ترتب عليه تغير أسلوب أداء الأعمال في كثير من الوظائف الصحية، وكذلك تغير تركيبة القوى العاملة فيها واحتياجاتها، وتزايد الحاجة إلى قوى عاملة ذات مستوى عالٍ من المهارات، وقد أدت هذه التطورات إلى ضرورة تغيير الأسلوب التقليدي في ممارسات إدارة الموارد البشرية، وجعل عملها أكثر تعقيداً، وزاد من أهميتها لأداء المنظمات بفاعلية وكفاية، وجعل دورها أساسياً لمواجهة التحديات المتزايدة التي تواجهها، أكثر من أي وقت مضى.
وبصفة عامة يقول د. مازن ان مشكلات إدارة الموارد البشرية في القطاع الصحي تكمن بشكل أساسي في توفر القدرة التنظيمية للتعامل مع مشكلات التوظيف في الخدمات الصحية، وكذلك في توفير الظروف التنظيمية التي تساعد الموارد البشرية على الأداء بكفاءة بجودة لتحقيق أهداف الخدمات الصحية.
ومن التحديات التي يرى د. مازن أن إدارة الموارد البشرية في المؤسسات الصحية تواجهها العزوف عن بعض المهن الصحية خاصة في مجال التمريض والنقص الكبير من السعوديين في هذا المجال، بالإضافة إلى التسرب الكبير من هذه المهنة، حيث ان الكثير من الممرضين يتجهون إلى ترك مهنة التمريض والعمل في وظائف إدارية، ومن المتوقع أن تتزايد التحديات التي تواجهها إدارة الموارد البشرية بفعل العديد من التطورات الأخرى مثل زيادة النمو السكاني، وتغير التركيبة السكانية، وعولمة الاقتصاد.
الحلول
يشير د. مازن إلى أن مسألة التغيير مسألة معقدة، وليس هناك وصفة محددة لإدارة التغيير، كما أنه ليس هناك دليل على أن ممارسات معينة في إدارة الموارد البشرية تفوق غيرها بصفة مطلقة من حيث تأثيرها على الأداء، فهناك حاجة للتأكد من جهود تطوير إدارة الموارد البشرية تناسب خصائص وبيئة وأوليات المنظمات التي تطبق فيها.
وبالرغم مما نسمعه عن أهمية الموارد البشرية في النظم الصحية يلاحظ د. مازن بصفة عامة أن الاهتمام بالجانب الإنساني لمبادرات التغيير التنظيمي ليست على المستوى المطلوب، والحقيقة من وجهة نظره أن هناك حاجة إلى إحداث تغييرات في إدارة الموارد البشرية على المستوى الفكري وعلى مستوى السياسات بالإضافة إلى المستوى التشغيلي فهناك حاجة إلى تطوير سياسات الموارد البشرية وتطوير استراتيجيات وأنشطة لتحسين الإمكانات التنظيمية في الخدمات الصحية لإدارة الموارد البشرية، وبمعنى آخر من الضروري توسيع دور إدارة الموارد البشرية والتعامل معها كوظيفة أساسية في القطاعات الصحية وأن لها دوراً جوهرياً في تحسين أداء الخدمات الصحية.
ومن ناحية أخرى يؤكد د. الرشيد أن متغيرات العصر الحالي تحتم على مديري إدارات الموارد البشرية تقمص أدوار جديدة ومختلفة عن أدوارهم في السابق، فعليهم الإلمام بأحدث الأساليب لتحسين الأداء الوظيفي والتنظيمي، والاهتمام بمسح اتجاهات العاملين في مؤسساتهم وأن يكون ملمين بالأصول العلمية لمسح هذه الاتجاهات، كذلك ينبغي أن يكونوا على علم بمشكلات الاتصالات، والجدولة المرنة للأعمال، والقضايا المتصلة بتغير ظروف العمل، وجعل مكان العمل أكثر إنسانية، كما يحتم الدور الجديد لمسؤولي إدارة الموارد البشرية أن يكون لهم دور قيادي في المؤسسات الصحية وهو ما يتطلب استيعاب الرسالة الأساسية لمؤسساتهم ومن ثم العمل لتطوير الأهداف اللازمة لدعم هذه الرسالة، وأن تكون لديهم المهارة في بناء قوى عاملة مستقرة، وماهرة، ومنتجة وراضية.
المؤسسة الاجتماعية
و عن ثغرات إدارتنا لمواردنا البشرية في مؤسساتنا الاجتماعية يحدثنا الدكتور راشد بن سعد الباز أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود، ومتخصص في إدارة وتقويم البرامج، ويوضح لنا بداية أن إدارة الموارد البشرية عنصر أساس في نجاح المؤسسات الاجتماعية والخيرية لأنّها تضطلع بعدد من الوظائف المهمة كاختيار العاملين وتعيينهم وتأهيلهم وتدريبهم، وتحديد الرواتب والأجور والمكافآت والحوافز والجزاءات وتحديد الوظيفة من حيث توصيفها وتصنيفها، وأي خلل في أي وظيفة سيؤثر على المؤسسة، فعلى سبيل المثال إذا كان هناك خلل في اختيار العاملين ككونهم غير مؤهلين سيؤدي إلى سوء الخدمات المقدمة، وإساءة سمعة المؤسسة، وسوء استخدام الموارد المالية للمؤسسة، وعدم رضى المستفيدين إلى غير ذلك.
ويضيف أن أهمية دور إدارة الموارد البشرية تتزايد في المؤسسات الاجتماعية لأنّ طبيعة عمل تلك المؤسسات تعتمد على الجانب الإنساني وتقوم على العلاقات الإنسانية، فالمؤسسات تهدف إلى تقديم خدمات لعلاج المشكلات وإشباع الاحتياجات، والمستفيدين من المؤسسات الاجتماعية، وهم الأفراد، هم الوسيلة والغاية وهم المدخلات والمخرجات وبالتالي فإدارة الموارد البشرية بمستوييها الإداري والتنفيذي هي الأساس في مدى جودة الخدمات المقدمة.
ويحدد د. الباز عدداً من المشكلات المتصلة بإدارة الموارد البشرية في المؤسسات الاجتماعية والخيرية مثل قلة الاهتمام بجوانب مهمة متصلة بالموارد البشرية في المؤسسات الاجتماعية والخيرية مثل ما يتصل باختيار العاملين والتأهيل والتدريب والحوافز، بالرغم من أهمية تلك الجوانب في تطوير العمل وإيجاد روح الإبداع والابتكار لدى العاملين بل والاستخدام الأفضل لموارد المؤسسة المالية.
وتكمن المشكلة برأيه في أنّ الموارد البشرية في المؤسسات الاجتماعية والخيرية لا يُهتم بها مقارنة بالمؤسسات الأخرى وقد يرجع ذلك إلى أنّ المؤسسات الاجتماعية والخيرية في العادة تقدم خدماتها للفئات الأقل حظاً في المجتمع أو الذين لا يتماشون مع النمط السائد في المجتمع وبالتالي الاهتمام بهذه الفئات قليل وهذا ينعكس على عمل المؤسسات التي تقدم خدماتها لتلك الفئات.
ومن الثغرات الأخرى يذكر د. الباز مشكلة الافتقاد إلى المناخ التنظيمي في بعض المؤسسات الاجتماعية والخيرية والذي يتصل بغياب أنظمة تتصل بالتوصيف الوظيفي والتصنيف وما يتصل بحقوق وواجبات العاملين مما جعل العمل يعتمد على الارتجالية والمبادرات الفردية والعلاقات الشخصية.
ومن الثغرات الأخرى يذكر د. الباز نقص الكفاءة الإدارية التي تتناسب مع طبيعة العمل في المؤسسات الاجتماعية والخيرية، ممّا أدّى إلى قولبة العمل في المؤسسات الاجتماعية والخيرية وفق أطر ملزمة وإجراءات معينة قد تتناسب مع طبيعة العمل في المؤسسات العامة لكنها مُعيقة للعمل الاجتماعي، فالأسلوب الإداري في المؤسسات الاجتماعية الخيرية تأثر بالأسلوب الإداري في المؤسسات العامة، وقد يكون ذلك برأي د. الباز نتيجة لأنّ كثيرا من المسؤولين والعاملين في المؤسسات الاجتماعية والخيرية هم موظفون في مؤسسات عامة ويعملون خارج وقت الدوام في المؤسسات الاجتماعية والخيرية أو موظفون سابقون تقاعدوا من عملهم في المؤسسات العامة فنقلوا معهم الأنماط الإدارية السائدة في تلك المؤسسات التي تتصف بالبيروقراطية والجمود والتقليدية إلى مؤسساتهم الجديدة.
الحلول
ومن الحلول التي يقدمها د. راشد الباز لتطوير إدارة الموارد البشرية في هذه المؤسسات الاجتماعية يذكر أنه نظراً لطبيعة العمل الاجتماعي والصعوبات التي تواجه المؤسسات الاجتماعية والخيرية ولاختلاف إدارة المؤسسات الاجتماعية عن إدارة المؤسسات الأخرى فهناك حاجة لإيجاد نوعية من المسؤولين في إدارة المؤسسات الاجتماعية والخيرية وبالتحديد في إدارة الموارد البشرية متخصصين في المجال الاجتماعي ولديهم الكفاءة والقدرة الإدارية بالإضافة إلى الحكمة والحنكة ما يجعلهم قادرين على التعامل الفاعل مع مختلف شرائح العاملين في المؤسسة وقادرين على اتخاذ القرارات الصائبة وفي الوقت المناسب وقادرين على التعامل مع الظروف والمستجدات، كما أن المؤسسات الاجتماعية والخيرية عليها أن تعمل لتهيئة الظروف المناسبة لتكون تلك المؤسسات جاذبة لأفضل العناصر البشرية، ومن ذلك يذكر د. الباز (تطوير الأنظمة الخاصة بالموارد البشرية- التقويم المستمر للعاملين المبني على الجدارة والكفاءة وليس على المعرفة والعلاقات الشخصية - تقديم الحوافز والمكافآت للمبرزين والمبدعين - تطوير الموارد البشرية في المؤسسة من خلال حسن اختيار العاملين وتأهيلهم وتدريبهم - السعي لتحقيق رضى العاملين، حيث توجد علاقة إيجابية بين رضى العاملين وجودة أدائهم - العمل على الاحتفاظ واستمرارية العاملين ذوي الكفاءة في المؤسسة حتى يحدث تسرب للعاملين - الاهتمام بالخدمات المساندة للعاملين كالتأمين الطبي- تقديم خدمات تُعين العاملين على الأداء الأفضل مثل تقديم استشارات اجتماعية للعاملين عند الحاجة- وتوفير التأمينات الاجتماعية الجيدة وخدمات ما بعد التقاعد).