أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 05-02-2009, 12:28 PM
  #1
1accountant
 الصورة الرمزية 1accountant
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: مصر
العمر: 40
المشاركات: 2,094
Icon150 العولمة ، وتنسيق المعايير المحاسبية

لو سأل سائل : ما هي الكلمة التي تعتبر ابلغ تعبير عن الاتجاهات والتيارات السائدة في العالم في الوقت الحاضر؟ اعتقد أن الجواب الصحيح هو كلمة " العولمة". إن تقلص حجم العالم، بالمعنى المجازي طبعا، أدى إلى السعي نحو العولمة بشكل لا مفر منه . وتعلمون بطبيعة الحال ان العالم بدأ بالتقليص مع تطور وسائل النقل من السيارة إلى الطائرة ، إلا أن النقلة الحقيقة جاءت بفعل الثورة المذهلة في عالم الاتصالات ، الأمر الذي أدى إلى اتصال العالم بعضه ببعض بسرعة تخطف أنفاس. وقد اتخذت الاتصالات أشكالا متعددة مثل أجهزة الفاكس والهواتف الخلوية والأقمار الصناعية والكمبيوتر وما إلى ذلك، ولكنها تصب جميعا في قناة واحدة هي تسيير الاتصال . ولعل اكبر ظاهرة تمثل ثورة الاتصالات وجوهرها الواحد رغم تعدد القنوات هي ظاهرة الانترنيت. فقد ساهمت الانترنيت في ربط العالم لمعاصر بشكل لم يخطر على بلا أحد مهما جنح به الخيال، حتى منذ عشرين عاما. لقد عملت الانترنيت ، وما يتصل بها من وسائل تقنية ، على تقليص المسافات بين الناس بشكل لا مثيل له في تاريخ البشرية ، بطبيعة الحال فان الانترنيت ليست مجرد واسطة اتصال تربط الناس والأماكن ، و إنما هي أداة ليسر وتدفق المعلومات، وهو الهدف النهائي للاتصال بالدرجة الأولى . وقد استدعت هذه الواسطة الجديدة إنشاء تعبير خاص بها ، وهو ما اصطلح عليه بعبارة " البنية التحتية العالمية للمعلومات" (gii). وهذه البنية التحتية هي الآن مثار جدل حاد ونشاط محموم دب مؤخرا في أوساط المؤسسات العالمة ومؤسسات القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم.

على صعيد آخر، كان هناك تطور مهم للغاية له صلة بثورة الاتصالات ولكنه اتخذ مسارات مستقلا. وساهم بشكل فعال في دفع عجلة العولمة، واعني به النزعة السائدة نحو تحرير التجارة خصوصا التحرير على نطاق الأطراف المتعددة تحت مظلة منظمة التجارة العالمية، التي تحمل لواء تحرير التجارة في كل من البضائع والخدمات كما تحاول إرساء قدر معقول في حده الأدنى من معايير حماية الملكية الفكرية في جميع أنحاء العالم. وما تقوم به منظمة التجارة العالمية هو إنها تأتي بالعولمة لتضعها موضع التنفيذ على ارض الواقع بشكل قد لا يتمكن الفضاء الإلكتروني ، أي عالم الانترنيت ، من القيام به. ولكن التداخل بين الظاهرتين كبير جدا إلى الحد الذي يصعب فيه على المرء أن يحدد مبدأ إحداهما ومنتهى الآخر . على سبيل المثال فان الخدمات ليست أشياء مادية بالمعنى الفعلي للكلمة ، إلا أن لها مع ذلك آثارا مادية ملموسة ، وهي بالتأكيد أحد أشكال التجارة ويمكن تسليمها او إيصالها بالوسائل الإلكترونية من مكان لآخر بشكل يتجاوز تمما نطاق " الموقع" بمفهومة المكاني ويؤدي إلى ذوبان الحدود بين الدول.

بطبيعة الحال هنا كل عوامل أخرى ساعدت في دفع العولمة، نذكر منها على سبيل المثال، انتشار الشركات الضخمة التي تعرف باسم الشركات متعددة الجنسيات وتدويل أسواق رأس المال، مما خلق ضغوطا ساهمت في العمل على تنسيق وتوحيد المتطلبات التي تضعها الهيئات الحكومية المسئولة عن تنظيم الأمور المالية. والجدير بالذكر أن الضغوط المذكورة جاءت من القطاع الخاص ومن الهيئات الحكومية التنظيمية نفسها.

اتخذت دنيا الأعمال والتجارة طابعا عالميا لا ينكر ، إلا إنها ما تزال تعاني من الآثار المتبقية من أشكالها التي كانت عليها قبل العولمة. على سبيل المثال فان المعايير المحاسبية في الولايات المتحدة تختلف اختلافا بينا عن المعايير المتبعة في الأقطار الأوروبية. لذلك فان من الضروري بالنسبة للشركات الأوروبية التي ترغب في أن تدرج في أسواق الأسهم الأمريكية ان تعد بيانات مالية متعددة، الأمر الذي يخلق صعوبات أمام الشركات التي يتعين عليها إعداد أنواع مختلفة من الإقرارات الضريبية والتجارية والعامة في مواقع مختلفة. ورغم أن العالم لأسره يسير نحو العولمة إلا أن هناك عددا لا بأس به من فروع النشاطات الخاصة بالأعمال ما يزال على وضعه القديم. والواقع ان هناك الكثير مما يجب عمله قبل ان يتمكن الناس في جميع أنحاء العالم من جني كافة ثمار المجتمع العالمي الجديد.

وفي هذا المقام يجدر بي أن اذكر أن العولمة لا تختص فقط بدنيا الأعمال والتجارة ، وإنما ترتبط أيضا بعدد من القضايا الثقافية والاجتماعية والسياسية . ولكن الأمر الذي يهمنا في هذا المقام هو القضايا المتعلقة بالأعمال، ومن ثم بالمحاسبة. ذلك أن المحاسبة كانت تعرف تقليديا بأنها " لغة الأعمال والتجارة" . وفيما نرى أن العالم يتجه في خط لا عودة منه ولا رجعه عنه نحو وق عالمية، حيث تتسارع حركة البضائع والخدمات ورؤوس الأموال عبر الحدود ، فان هناك حاجة ماسة تزيد يوما عن يوم إلى إيجاد الوسائل أمام قطاعات الأعمال ، والجهات التي تنظم هذه القطاعات ، وكذلك جمهور الناس لتسير الإبلاغ عن المعلومات المالية الخاصة بالشركات وقطاعات الأعمال في لغة واضحة ومفهومة للجميع.

من هنا تنشأ الحاجة إلى وضع معايير محاسبية عالمية. فالمعايير هي الوسيلة التي تجعل المحاسبة لغة موثوقة تثمل قطاعات خير تمثيل. وبدونها لن يكون بمقدور الأشخاص الذين يدرسون التقارير المالية أن يضمنوا سلامة التقارير والاطمئنان إليها، وإنها تعطي صورة واضحة عن الوضع الفعلي للمنشأة التي يتحدث عنها ، او ان يخرجوا بتفسيرات موثوقة لتلك التقارير دون معرفة الأسس التي تم الاستناد إليها عند إعداد هذه التقارير.


هناك عدد لا بأس به من الدول التي توجد لديها معاييرها المحاسبية الخاصة بها. فالدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا سنت عددا من المعايير المحاسبية على مدار الزمن، وهي معايير صادرة عن الهيئات المحاسبية الوطنية ويستعملها عدد لا يحصى من الشركات، حيث يتم بموجبها إعداد البيانات المالية، وهي البيانات التي يعتمد عليها المستثمرون ومؤسسات الإقراض والبنوك وحملة الأسهم والمؤسسات الحكومة التي تضع الأنظمة ويستأنسون بها في التوصل إلى قرارات مهمة وغالبا ما تكون حرجة بالنسبة للشركات المذكورة . إلى جانب ذلك فانه يوجد في الولايات المتحدة ما يرف بالأصول المحاسبية المتعارف عليها، والتي يعمل بموجبها جميع المحاسبين. ورغم أن المعايير والأصول المحاسبية الأمريكية تتميز بالشمول والدقة ، إلا أنها تعتبر عموما اشد صارمة من غيرها، فضلا عن أنها لا تعتبر معايير دولية وليس متعرفا بها في جميع أنحاء العالم وان كانت ذات تأثير ونفوذ قويين . لذلك عملت الهيئات الدولية المختصة، مثلا الاتحاد الدولي للمحاسبين ولجنة معايير المحاسبة الدولية ، على وضع معايير محاسبة دولية.

المشكلة انه رغم أن العديد من البلدان التي تستند في معاييرها الوطنية على المعايير المحاسبية الدولية، إلا انه لم يتم التوصل بعد إلى آلية على المستوى الدولي لضمان تحقيق التوافق بين المعايير المحاسبية العالمية والمعايير المحاسبية الوطنية . وبذلك تبقى المشكلة قائمة في وجه الشركات العالمية والهيئات ذات النشاطات الدولية من حيث انه يتعين عليها في الغالب أن تصوغ بياناتها المالية بأشكال عديدة للوفاء بالمتطلبات التنظيمية التي تختلف من مكان لآخر.

إن المحاسبة خدمة مهنية ، ومن هذا الباب فانه تخضع تنظيميا لمنظمة التجارة العالمية وللاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات، التابعة هي أيضا لمنظمة التجارة العالمية. وهذا يوفر إطارا مناسبا لتحقيق الأمل المنشود في أن نرى خلال فترة قريبة قدرا اكبر من التوافق في المعايير المحاسبية. وتتركز جهود منظمة التجارة العالمية بشأن المحاسبة على تحرير التجارة في الخدمات المحاسبية. إلا أن من الواضح انه يقع على عاتق المنظمة أيضا العمل على تحقيق التوافق في المعايير المحاسبية لسببين : الأول باعتباره وسيلة لتحقيق الغاية المرجوة من التوافق ، والثاني لما لتحقيق التوافق في المعايير المحاسبية من أهمية في التجارة في الخدمات.

هناك قضية أخرى ذات صلة بالموضوع ، واعني بها متطلبات التأهيل التي يجب توفرها في الذين يقدمون الخدمات المحاسبية. وقد نص قرار منظمة التجارة العالمية بخصوص الخدمات المهنية على انه يتعين على فريق العمل حول الخدمات المهنية أن يعمل على " إعداد وتطوير أنظمة متعددة الأطراف تتعلق بالوصول إلى الأسواق" وكذلك " القيام بالفحص ورفع التقارير المشفوعة بالتوصيات بخصوص الأنظمة اللازمة للتأكد من الإجراءات المتعلقة بمتطلبات ومعاملات التأهيل ، والمعايير الفنية، ومتطلبات الترخيص في مجال الخدمات لا تشكل عوائق لا دعي لها إمام التجارة".

اسمحوا لي قبل أن أخوض في موضوع متطلبات التأهيل المحاسبي أن أواصل حديثي حول موضوع المعايير المحابية والحاجة إلى معايير عالمية. وبهذا الخصوص فإنني احب او أؤكد انه في الوقت الذي لا بد فيه من تحقيق تقدم في هذا المضمار فانه ينبغي أن يكون مفهوما لدينا أن عملية وضع المعايير وتطوير المعايير المحاسبية هي مهمة معقدة وشاقة في الوقت نفسه. ومما يزيد في صعوبة الموضوع أن المعايير المحاسبية كانت في العادة تستند على النظام الاجتماعي – الاقتصادي والسياسي السائد في المنطقة. لذلك سأستعرض على حضراتكم وبشكل موجز العوامل الرئيسية التي أثرت تاريخيا على عملية وضع المعايير.

1. النظام القانوني للبلد: في بعض الأحيان التي يستند نظامها القانوني على القانون الروماني (فرنسا على سبيل المثال) نجد أن المشروع قد نظم عمل الشركات من خلال قانون محدد يدعي في الغالب قانون الشركات. ويتضمن القانون في هذه الحالة بنودا مفصلة تحدد متطلبات الأعمال المحاسبية واعداد الإقرارات . أما في البلدان الأخرى، التي يستند نظامها القانوني على فكرة القانون العام لدى المملكة المتحدة فان المشروع يركز على جملة القوانين التي اتخذت لحالات وقضايا معينة لمواجهة الحاجة المتغيرة . في هذه الحالة نرى أن عملية إرساء المعايير تميل إلى موضوع على شكل قانون ، في حين هذه القواعد في البلدان الأخرى يجري وضعها من قبل العاملين في مهنة المحاسبة في القطاع الخاص. وفي أوروبا على وجه الخصوص يلعب إصدار التعميمات دورا كبيرا في عملية وضع المعايير.

2. طبيعة وهيكل الملكية التجارية: هناك تباين كبير للغاية في التوجه نحو المعايير المحاسبية بين البلدان التي تشيع فيها ملكية الأسهم من قبل الجمهور ، والبلدان التي تتركز ملكية الشركات فيها في أيدي البنوك والمؤسسات المالية الأخرى ، حيث ان باستطاعة البنوك في هذه الحالة الحصول على معلومات تفصيلية " من مصادر مطلعة" ، وبالتالي يقتصر عدد الأشخاص الآخرين الذين يطلعون على التقارير على الحكومة بأشكالها المختلفة التي غالب ما تكون حماية الحق العام وجمع الضرائب وتوجيه النشاط الاقتصادي. وفي مثل هذه البلدان فان التقارير المالية تميل لان تكون موجهة نحو الحاجة إلى التقليل ما أمكن من التبعات الضريبية وليس نحو تقديم صورة كاملة وواضحة عن الوضع المالي للشركة.

وهكذا نرى انه في البلدان التي لا تشيع فيها ملكية الأسهم من قبل الجمهور فان الاحتمال ضئيل في ان تكون قد عملت على تطوير معايير محاسبة تهدف إلى ضمان كون التقارير المالية تقدم معلومات مفيدة وموثوقة وفي الوقت المناسب.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله


if you fail to plan you plan to fail


كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم
1accountant غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:23 AM