إن الإدارة الصحيحة والقويمة لأي عمل مهما كان صغيرًا أو كبيرًا تحتاج إلى حكمة؛ لأن الإدارة تتعامل مع بشر وليس مع مجموعة من التروس والآلات، فرب كلمة صغيرة فعلت فعل السحر في نفس سامعها فدفعته إلى الأمام، وأيضًا رب كلمة فعلت في نفس سامعها فعل السحر فألقت به إلى الهاوية. والإدارة: » فن قيادة الرجال« والرجال لهم مشارب شتى، ولا يستطيع أحد مهما أوتي من قوة أن يقودهم إلا بالحكمة، وتمثـَّل بنبيك e في حسن قيادته لصحابته، فقد قـال الله } فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك {، والحكمة أن تضع كل شيء في مكانه، الغضب والحزم والشدة في المواضع التي تحتاج إلى ذلك، واللين والتسامح والرحمة أيضًا في المواقف التي تتطلب ذلك. وإليك أخي المدير بعضًا من النصائح الإدارية.
أولاً: اهتم بكل العاملين معك:
تعرف عليهم وتعرف على مشكلاتهم، وتعرف على ما يسعدهم وما يحزنهم، وتعرف على اهتماماتهم، وكن قريبًا منهم بروحك قبل جسدك، فيكونوا قريبين منك بكل ذرة من جوارحهم، تفقد غائبهم وأرسل من يسأل عنه، أو إذا وجدت متسعًا افعل أنت ولن تندم أبدًا، ولا تتعلل بكثرة المرؤوسين، فقد تفقد رسولك e جيشًا به ثلاثون ألفًا وقال: » ما فعل كعب بن مالك؟«.
ثانيًا: لا تكلفهم من الأعمال ما لا يطيقون:
لأنك إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع، ولكن كن دائمًا شفيقًا بهم لإنجاز عملك، ولا تتعلل أنك تستطيع إنجاز ذلك، فلا تتوقع أن يمكثوا ساعات عمل أكثر من المطلوب منهم، أو تتوقع أن يحملوا معهم العمل إلى منازلهم كما تفعل أنت، لكن حاول أن تجعلهم يخلصون في أدائهم لأعمالهم خلال الفترة التي يعملون فيها داخل المؤسسة، ولا تنس أن قدرات الناس غير متساوية، وهذه من حكمة الله سبحانه وتعالى، فتعامل معهم على هذا الأساس، ولا تتعامل معهم على أنهم مجرد آلات أو دمى تحركها وقتما شئت وإلى أي مكان شئت، ولكن عامل الناس كما علمك سيدنا محمد e "عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به"
ثالثًا: من حكمتك في معاملة العاملين معك أنك تعامل كل شخصية على حده، فما يصلح لهذا قد لا يصلح لذاك، فالعبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة. ونظرًا للفروق بين الشخصيات فعليك أن تتعامل بالحكمة، فلا تستعمل العصا مع الحر، ولا تستعمل الإشارة مع العبد.
رابعًا: لا تجعل العلاقات الشخصية تطغى على العمل حتى لا تتسبب في إفساد العمل فالعلاقات الاجتماعية لا تُنجِح العمل إلا إذا أُبقيت مستقلة عنه.
خامسًا: لا تربط العمل بأي شخص مهما كان موقعه، بل اجعل عملك متحررًا من أي شخص بحيث لا يتأثر العمل بوجود أي شخص أو بغيابه، وستجني خيرًا كثيرًا بهذه السياسة ـ إن شاء الله ـ ، أما لو تعلق عملك بأي شخص فسوف تخسر كثيرًا، وخاصة إذا قوي نفوذه.
سادسًا:حاول أن تحتاط كثيرًا في كلماتك بأن تختارها جيدًا، فكلمات المدير لها بريق خاص عند المرؤوسين، فحاول أن تستخدمها كسلاح لدفع عملك إلى الأمام، وأيضًا تحفيز مرؤوسيك لإنجاز الأعمال.
سابعًا: حاول أن تقلل من سلطاتك، فلا تجمع كل السلطات كلها في يدك، بل حاول أن تعطي مساحة من الصلاحيات للمعاونين لك لإيجاد كوادر عمل أخرى تأخذ منك الخبرات في وجودك، فإذا حدث خطأً فيمكن تداركه بوجودك بينهم.
ثامنًا: لا تتكبر أن تعترف بالخطأ إذا أخطأت، بل بادر بذلك ولا تظن أن ذلك سيقلل من شأنك بينهم، بل سيرفع من شأنك كثيرًا، وأيضًا لتعطيهم المثل والقدوة. ولست خيرًا من عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يوم أن راجعته امرأة وهو على المنبر فاقتنع بخطئه وقال: "أصابت امرأة وأخطأ عمر".
وأخيرًا: كما تجازي المخطئ وتحرص على ذلك لتحقيق الحزم في مؤسستك عليك أن تشكر وتمتن للمحسن الذي يحرص على تأدية العمل المطلوب منه، ولا تنظر لكون العمل كبيرًا أو صغيرًا، المهم أنه قد أنجز العمل المطلوب منه، فينبغي أن توجه له كلمة شكر.
إعداد الفريق العلمي بموقع مفكرة الإسلام