مشاركة: علاقة الموكل بالوكيل فى ظل الشرع والقانون والعرف
الوكيلُ أمينٌ
ومتى تمت الوكالة،كان الوكيل أَميناً فيما وكل فيه، فلا يضمن إلا بالتعدي أَو التفريط، ويقبل قوله في التلف كغيره من الأمناء
التوكيلُ بالخصومةِ
ويصح التوكيل بالخصومة في إثبات الديون والأَعيان، وسائر حقوق العباد؛ سواء أَكان الموكّل مدعياً أَم مدعىً عليه، وسواء أَكان رجلاً أَم امرأَة، وسواء رضي الخصم أَم لم يرضَ؛ لأَنَّ المخاصمة حق خالص للموكِّل، فله أَن يتولاه بنفسه وله أَن يوكل عنه غيره فيه. وهل يملك الوكيلُ بالخصومة الإقرار على موكِّله ؟ وهل له الحق في قبض المال الذي يحكم به له ؟ والجواب عن ذلك نذكره فيما يلي: إقرارُ الوكيلِ على موكّلِه: إقرار الوكيل على موكله في الحدود والقصاص لا يقبل مطلقاً، سواءً أَكان بمجلس القضاءِ أَم بغيره.
وأَما إقراره في غير الحدود والقصاص، فإن الأَئمة اتفقوا على أَنه لا يقبل في غير مجلس القضاء، واختلفوا فيما إذا أَقر عليه بمجلس القضاءِ؛ فقال الأَئمة الثلاثة: لا يصح؛ لأَنه إقرار فيما لا يملكه. وقال أَبو حنيفة: يصح، إلا إن شرط عليه أَلا يقر عليه.
الوكيلُ بالخصومةِ ليس وكيلاً بالقبضٍ: والوكيل بالخصومة ليس وكيلاً بالقبض؛ لأنه قد يكون كفئاً للتقاضي والمخاصمة، ولا يكون أَميناً في قبض الحقوق. وهذا ما ذهب إليه الأَئمة الثلاثة، خلافاً للأَحناف الذين يرون أَن له قبض المال الذي يحكم به لموكله؛ لأَن هذا من تمام الخصومة، ولا تنتهي إلا به، فيعتبر موكَّلاً فيه..
التوكيلُ باستيفاءِ القصاصِ
ومما اختلف العلماءُ فيه التوكيل باستيفاء القصاص؛ فقال أَبو حنيفة: لا يجوز، إلا إذا كان الموكل حاضراً، فإذا كان غائباً فإنه لا يجوز؛ لأَنه صاحب الحق، وقد يعفو لو كان حاضراً، فلا يجوز استيفاءُ القصاص مع وجود هذه الشبهة. وقال مالك: يجوز ولو لم يكن الموكِّل حاضراً. وهذا أَصح قولي الشافعي. وأَظهر الروايتين عن أَحمد..
الوكيلُ بالبيع
ومَن وكل غيره ليبيع له شيئاً، وأَطلق الوكالة فلم يقيده بثمن معين، ولا أَن يبيعَه معجَّلاً أَو مؤجلاً، فليس له أَن يبيعه إلا بثمن المثل، ولا أَن يبيعه مؤجلاً، فلو باعه بما لا يتغابن الناس بمثله، أَو باعه مؤجَّلاً، لم يَجُزْ هذا البيع إلا برضا الموكِّل؛ لأَن هذا يتنافى مع مصلحته فيرجع فيه إليه. وليس معنى الإطلاق أَن يفعل الوكيلُ ما يشاء، بل معناه الانصراف إلى البيع المتعارَفِ لدى التجار، وبما هو أَنفع للموكِّل، قال أَبو حنيفة: يجوز أَن يبيع كيف شاء نقداً أَو نسيئة، وبدون ثمن المثل، وبما لا يتغابن الناس بمثله، وبنقد البلد وبغير نقده؛ لأَن هذا هو معنى الإطلاق. وقد يرغب الإنسان في التخلص من بعض ما يملك ببيعه ولو بغبن فاحش.
هذا إذا كانت الوكالة مطلقة، فإذا كانت مقيَّدة، فإنه يجب على الوكيل أَن يتقيد بما قيَّده به الموكِّل، ولا يجوز مخالفته إلا إذا خالفه إلى ما هو خير للموكل، فإذا قيده بثمن معين فباعه بأَزيد، أَو قال: بعه مؤجَّلاً. فباعه حالاً، صح هذا البيع.
فإذا لم تكن المخالفة إلى ما هو خير للموكِّل،كان تصرفه باطلاً عند الشافعي. ويرى الأَحناف، أَن هذا التصرف يتوقف على رضا الموكل، فإن أَجازه صحَّ، وإلا فلا
شراءُ الوكيلِ من نفسه لنفسه
وإذا وكل في بيع شيء، هل يجوز له أَن يشتريه لنفسه ؟ قال مالك: للوكيل أن يشتري من نفسه لنفسه بزيادة في الثمن. وقال أَبو حنيفة، والشافعي، وأَحمد في أَظهر روايتيه: لا يصح شراء الوكيل من نفسه لنفسه؛ لأَن الإِنسان حريص بطبعه على أَن يشتري لنفسه رخيصاً، وغرض الموكل الاجتهاد في الزيادة، وبين الغرضين مضادة..
التَّوكيلُ بالشِّراءِ
الوكيل بالشراء إن كان مقيداً بشروط اشترطها الموكل، وجب مراعاة تلك الشروط؛ سواء أَكانت راجعة إلى ما يشترى أَم إلى الثمن، فإن خالف فاشترى غيرَ ما طُلب منه شراؤُه، أَو اشترى بثمن أَزيد مما عينه الموكِّل،كان الشراءُ له دون الموكل، فإن خالف إلى ما هو أَفضل، جاز؛ فعن عروة البارقي _ رضي اللّه عنه _ أَن النبي صلى الله عليه وسلم أَعطاه ديناراً يشتري به ضحية أَو شاة، فاشترى شاتين، فباع إحداهما بدينار فأَتاه بشاة ودينار، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه. رواه البخاري، وأَبو داود، والترمذي(1).
وفي هذا دليل على أَنه يجوز للوكيل إذا قال له المالك: اشتر بهذا الدينار شاة. ووصفها، أَن يشتري به شاتين بالصفة المذكورة؛ لأَن مقصود الموكل قد حصل، وزاد الوكيل خيراً، ومثل هذا لو أَمره أَن يبيع شاة بدرهم فباعها بدرهمين، أَو أَن يشتريها بدرهم فاشتراها بنصف درهم. وهو الصحيح عند الشافعية،كما نقله النووي في زيادة "الروضة".
وإن كانت الوكالة مطلقة، فليس للوكيل أَن يشتري بأكثر من ثمن المثل أَو بغبن فاحش، وإِذا خالف كان تصرفه غير نافذ على الموكِّل، ووقع الشراءُ للوكيل نفسه.
انتهاءُ عقدِ الوَكالةِ
ينتهي عقد الوكالة بما يأتي: 1ـ موت أَحد المتعاقدين أَو جنونه؛ لأَن من شروط الوكالة الحياة والعقل، فإذا حدث الموت أَو الجنون، فقد فقدت ما يتوقف عليه صحتها.
2ـ إنهاءُ العمل المقصود من الوكالة؛ لأَن العمل المقصود إذا كان قد انتهى، فإن الوكالة في هذه الحال تصبح لا معنى لها.
3ـ عزل الموكِّل للوكيل ولو لم يعلم(1). ويرى الأَحناف، أَنه يجب أَن يعلم الوكيلُ بالعزل، وقبل العلم تكون تصرفاته كتصرفاته قبل العزل في جميع الأَحكام.
4 عزل الوكيل نفسه. ولا يشترط علم الموكِّل بعزل نفسه أَو حضوره، والأَحناف يشترطون ذلك؛ حتى لا يضارَّ.
5ـ خروج الموكَّل فيه عن ملك الموكِّل.
أنتهى
__________________
محاسب قانونى
أحمد فاروق سيد حسنين
اسألكم الدعاء لأبي وأمى بالرحمة والمغفرة