إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 01-30-2010, 11:22 AM
  #1
منال الشيخ
مشارك مبتدئ
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
العمر: 43
المشاركات: 26
افتراضي العدالة الضريبية الغائبة‏..‏ والشرعية القانونية المفقودة

العدالة الضريبية الغائبة‏..‏ والشرعية القانونيةالمفقودة
بقلم الأستاذ/أسامه غيث

لا يمكن إصلاح قانون الضريبة العقارية عن طريق تعديلات جزئية لعدد من مواد القانون الصارخة في عدم الدستورية‏,‏ والفاضحة في مخالفة القواعد الراسخة للعدالة الضريبية‏.
والمتناقضة جملة وتفصيلا مع أبجديات المساواة في تحمل الأعباء بين المواطنين وتوزيعها عليهم بالعدلوالقسطاس وفقا لمقدرتهم المالية من الثروة والدخل‏ ,‏ وقدرتهم بالتالي علي تحملالنصيب الأكبر أو الأقل من الأعباء العامة والتي تسمي في علم المالية العامة المقدرة التكليفية للممول‏,‏ وتستوجب مسئوليات وزراء المالية العلم بها والالتزام الدقيق بتنفيذها‏,‏ حتي لا تنزلق السلطة لفخ الصدام مع المواطن وتمزيق النسيجالاجتماعي والسياسي للدولة‏,‏ وفي ظل ان الخلل الحقيقي لقانون الضريبة العقارية يرتبط بالأساس وفي الأصل بفلسفة القانون الضريبية والمالية التي تتعارض جملة وتفصيلا مع نصوص الدستور المصري وروحه‏,‏ وتتصادم مع حقائق الحياة ومفرداتهاالواقعية‏,‏ فإن العلاج الوحيد والضروري يرتبط بإعداد مشروع قانون جديد من الألفإلي الياء للضريبة العقارية يتبني فلسفة ضريبية ومالية قائمة علي احترام قواعدالدستور وثوابته‏,‏ وتلتزم التزاما صارما بقواعد العدالة والمساواة بمعناها الصحيحوالسليم الذي لا يعترف بالشعارات الجوفاء الفارغة‏,‏ ويتجاوز التبريرات والسلوكياتغير القويمة التي رافقت مشروع القانون وانتهت بالجميع إلي مأزق كارثي بتوجيهالاتهام للسلطة التشريعية بالمسئولية عن الانحراف بالتشريع بما يخالف الدستوروأحكامه‏,‏ والتي لا يجوز الخروج عليها قيد أنملة وإلا كان ما لا يحمدعقباه‏.‏
ولا يبقي إلا الأمل الحقيقي المعقود عليالرئيس محمد حسني مبارك رئيس الجمهورية لإصدار أوامره وتعليماته الدقيقة والشاملة بوصفه الرئيس الأعلي للسلطة التنفيذية ويتحقق ذلك بأن تتم مراجعة قضية قانونالضريبة العقارية بصورة متكاملة وسليمة عن طريق فريق من الخبراء والمختصين‏,‏ ومنخارج نطاق دائرة المستشارين المرتبطين بالمصلحة وبالمنفعة بوزارة الماليةوتوابعها‏,‏ وان يستظل الفريق في عمله بتعليمات واضحة بالاحترام المشدد للدستور نصا وروحا وبالقواعد الضريبية المستقرة والثابتة والراسخة‏,‏ واعتبار ان ما جري فيقانون الضريبة العقارية وفي قانون ضرائب الدخل من تعديلات وتبديلات‏,‏ ماهي إلامرحلة طارئة وانتقالية كانت تعكس جوانب من الفكر العالمي للرأسمالية الأصولية‏, ‏التي كانت تسود في الدول الصناعية الكبري وتغري بالمحاكاة والتقليد في باقي دولالعالم‏,‏ حتي قادت العالم كله إلي كارثتي الأزمة المالية والأزمة الاقتصادية في سبتمبر‏2008,‏ والتي أفاق معها كل العالم علي حقائق جديدة ومتغيرات عاصفة قاسيةومدمرة تؤكد أن ثوابت الأصولية الاقتصادية وفي مقدمتها ثوابت الفلسفات الضريبية لليمين المحافظ الأمريكي القائلة بالإعفاء الضريبي للأغنياء والأثرياء لمساندة تراكم الثروة وضخ المزيد من الاستثمارات وإقامة المزيد من الأعمال لم ينتج عنها إلاطوفان من المضاربات الفاسدة سيئة السمعة‏,‏ والنتائج كادت تدفع بكل العالم إليالنفق المظلم للكساد العظيم بكل ويلاته وعواصفهودماره‏.‏
ويقدم قانون الضريبة العقارية نموذجا صارخا علي فلسفة ضريبية دخيلة وشاذة علي الدولة المصرية المعاصرة‏,‏ والتي لا تتعارض فقط مع الدستور أبو القوانين ولكنها تتعارض مع ما هو أخطر وأهم‏,‏ والمرتبط بالعقد الاجتماعي غير المكتوب الذي يحفظ الاستقرار والتوازن في أحلك الظروف وأصعبهابحكم ما يتضمنه من ثوابت وطنية وقومية عليا تشكل خطوطا حمراء تلزم الدولة والمواطن والمجتمع‏,‏ وتشكل رقيبا علي جميع السلطات والأجهزة والأعمال والمعاملات باعتبارهاحصن الأمان للكافة وللجميع‏,‏ والذي يلزمهم أول ما يلزمهم باحترام الدستور والحرصعلي عدم تعارض أو تنافر التشريعات مع الدستور‏,‏ نصا وروحا طالما انه قائم ونافذ‏,‏ وقد جاء قانون الضريبة العقارية بفلسفته‏,‏ وبالتالي بأحكامه الواردة في مواده ونصوصه ليقدم نموذجا فاضحا للخروج علي جميع الخطوط الحمراء الحاكمة للدولة وللمجتمع وللمواطن‏,‏ وكاد يدفع المنظومة الكاملة للوطن إلي فوضي مدمرة‏,‏ وجاءت كلمات الرئيس لتعطي الأمل الحقيقي في نوبة صحيان تعيد الأمور إلي نصابها الصحيح والقويموتسهم في تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة والدخيلة وتصوب العديد من الممارسات التي اقتحمت الحصون وهددت الركائز بإهمال العدل والعدالة في التشريع الضريبي‏, ‏والاستخفاف بقواعد المساواة الضريبية ومعانيها وتطبيقاتها في القوانينوالتشريعات‏.‏
تشدد يخضع المسكن الخاص‏..‏ وتسيب يعفي اصحاب الثروة
ويقدم قانون الضريبة العقارية نموذجا غريبا ومريبا للانحياز الأعمي والصارخ للأكثر دخلا والأكثر ثروة‏,‏ في الوقت الذي يقدم فيه نموذجا مقيتا ومريضا للانحياز الفج والسافر ضد الأقل ثروة والأقل دخلا‏,‏ وهو بذلك يتجاوز أسوأ ما قدمته الأصولية الاقتصادية واليمين المحافظ من فلسفات رأسمالية يصفها العالم حاليا بالوحشية والمتوحشة‏,‏ وهو قانون يفضح نفسه بأنه قانون ضد العدالة بأبسط معانيها وبأعقدها‏,‏ وهو قانون ضد المساواة بالحد الأدني منمعاييرها‏,‏ وبالحد الأقصي لقواعدها‏,‏ وهو بذلك يخرج تماما عن معني التشريع الصحيح‏,‏ ويدخل تحت مظلة أعمال الحواة التي تصرف الأنظار والأبصار عن حقيقة اللعبة وخباياها وخفاياها‏,‏ ولكن صانعه ينسي أن السحر دائما ينقلب علي الساحر‏,‏ ومجرد نظرة واحدة سريعة إلي الإصرار الظالم علي عدم إعفاء المسكن الخاص بالرغم من أنالمسكن حق انساني ودستوري لكل مواطن توفره الدولة الحديثة من مواردها إذا عجزالمواطن عن توفيره من موارده الذاتية‏,‏ وأيضا بالرغم من أن المسكن الخاص في الغالب الأعم يشكل شقي العمر للإنسان المصري من العمل بالداخل أو الغربة والمرمطة خارجالوطن‏,‏ بالرغم من كل ذلك فإن وزير المالية رفض من خلال جميع الحيل والألاعيب أن يتمتع المواطن المصري بالعيشة الهادئة والمستقرة في سكنه الخاص الذي لا يحقق منورائه دخلا أو ايرادا ولا يحقق من ورائه ثروة بالبيع والشراء والمتاجرة‏,‏ فتقرر في القانون أن يحرم المواطن مما استقر عليه الأمر لعقود طويلة بالقانون المتضمن دائماإعفاء السكن الخاص من الضريبة العقارية‏,‏ بحكم قواعد الدستور الواضحة والصريحة التي لاتجيز فرض الضريبة بجميع صورها وبجميع أشكالها علي رأس المال‏,‏ بل علي مايدره من دخل وإيراد حتي لا تتآكل رءوس الأموال التي هي الأصول الوطنية التي يعول عليها في التنمية والبناء وضرب عرض الحائط بأحكام المحكمة الدستورية العليا التيحكمت من قبل بعدم دستورية فرض ضريبة علي الأرض الفضاء غير المستغلة بحكم أنها لا تحقق دخلا أو إيرادا لمالكها‏.‏
والغريب والمريب أن هذا الوزير العنيد والمتشدد في حرمان المواطن من اعفاء ضريبي لمسكنه الخاص‏,‏ قد وضع في قانون الضريبة العقارية من الأحكام والقواعد ما يتيح للأغنياء والأثرياء أن يحصلواعلي إعفاء عقاري متكرر بغير نهاية مهما كانت ضخامة الثروة العقارية التي يملكونها‏,‏ ومهما انتقلت من مرحلة الملكية العقارية المحدودة إلي نظام الاستثمارالعقاري الواسع النطاق‏,‏ وتفتقت عبقرية الوزير الفذة عن ربط الاعفاء الضريبي بالوحدة العقارية ومنح كل وحدة عقارية بمعني الشقة الواحدة اعفاء سنويا قيمته ستةآلاف جنيه‏,‏ ويعني ذلك تجزئة شاذة لمفهوم العدالة واجتراء مفضوحا علي قواعد المساواة‏,‏ فمن يملك شقة واحدة يؤجرها يتمتع بإعفاء ستة آلاف‏,‏ ومن يملك مائة شقةيؤجرها يتمتع بإعفاء قيمته‏600‏ ألف جنيه‏,‏ ومن يملك ألف شقة يؤجرها يتمتع بإعفاء قيمته ستة ملايين جنيه‏,‏ وصنع القانون بذلك قاعدة تستعصي علي الشرح والتحليل لتعارضها مع قاعدة المقدرة التكليفية للممول وضرورة تناسب الأعباء الضريبية معها‏,‏ وهي قاعدة لا تعني علي الاطلاق وفقا لجميع مراجع علم المالية العامة‏,‏ تصاعد قيمةالاعفاءات مع تصاعد الممتلكات والإيرادات والأرباح والعوائد‏,‏ وهو ما يعني ليس فقط ان الدستور في اجازة‏,‏ ولكنه يعني أيضا أن العلم والمعرفة في مصر أم الدنيا والحضارة في اجازة‏,‏ وان من يملك السلطة والنفوذ يستطيع أن يلغي العلم ويهدر رأي العلماء بغير حسيب أو رقيب‏.‏
وما يدفع إلي الانزعاج المخيف أن قانونالضريبة العقارية الذي يغدق الاعفاءات بغير حساب وبدون تبصر ومع سبق الاصرار والترصد‏,‏ يتفنن في نفس الوقت واللحظة في ملاحقة أصحاب المسكن الخاص وكأن هناك مهمة مقدسة لم تتكشف أسرارها الكاملة بعد لملاحقة أصحاب المسكن الخاص‏,‏ ومع يقين أساطين الخبرة السوداء بوزارة المالية بأن شرط اعفاء الوحدة العقارية الواحدة من الضريبة طالما أنها لا تحقق دخلا يصل إلي ستة آلاف جنيه سنويا وهي لن تحقق ذلك بحكمان صاحب المسكن الخاص لن يدفع لنفسه ايجارا‏,‏ فقد تضمن القانون قاعدة تعجيزية تمكنه من أن ينال من هؤلاء الأعداء وقوي الظلام والخديعة التي احتلت مساكنهاالخاصة‏,‏ فأضاف شرطا ثانيا للتمتع بالإعفاء‏,‏ وهو أن تقل قيمة الوحدة العقاريةعن‏500‏ ألف جنيه‏,‏ ومع مستويات الأسعار والتضخم وجنون أسعار الأراضي للبناء بالمدن والقري والنجوع والمتغيرات الحادة لتكاليف البناء وما أقره القانون من قاعدة القيمة السوقية للعقار فإن أصحاب المسكن الخاص حتي لو لم يؤجروه لأنفسهم قهراوعدوانا فإنهم سيخضعون لسداد الضريبة العقارية‏,‏ وكأن الأمر يرتبط بمحاربة وتعقب مبدأ الملكية العقارية للبسطاء وكأنه ملاحقة للمالك الصغير‏,‏ وكأنه مطاردة لحق منحقوق المواطنة المعاصرة المرتبط بتوفير مسكن ملائم لكل انسان‏,‏ وهو ما يتضمنها الاعلان العالمي للحقوق الاقتصادية للإنسان الذي يرصد علامات فارقة بين التقدم والتخلف تقاس عليها مراتب الدول في سلم التصنيف العالمي‏.‏
الإعفاء الضريبي للأنشطة الزراعية الكبيرة‏..‏ وضرورة التصويت العاجل وقمة الريبة والشك يتضحالكثير من معالمها وأبعادها من المواد التي عدلها وبدلها قانون الضريبة العقارية والتي كانت واردة في قانون ضرائب الدخل‏,‏ لأنها تكشف أن هدف تحقيق الحصيلة الضريبية لا يرتبط إلا بالأقل ثروة ودخلا‏,‏ وان فلسفة اليمين المحافظ صاحب الأصولية الرأسمالية والمسمي في أمريكا والغرب بصاحب الايديولوجية الأصولية المسيحية الصهيونية‏,‏ قد تحركت خطوة كبيرة في الواقع المصري بالمزيد من التبجح الاهوج لتقنين اعفاءات ضريبة مفرطة وصادمة لأصحاب الثروة والأغنياء‏,‏ حيث تم الغاء المادة‏38‏ من قانون ضرائب الدخل وبذلك استبعد القانون إيرادات الأراضي الزراعية والنشاط الزراعي من الخضوع للضريبة‏,‏ ويعني ذلك إعفاء واسع النطاق يستفيد منه بالدرجة الأولي اصحاب الملكيات الزراعية الكبيرة‏,‏ حيث إن صغار الملاك الزراعيين كانوا يتمتعون بحدود إعفاء لا تخضعهم لضريبة الدخل‏,‏ وفي ظل مفهوم تنمية زراعية يرتكز علي الملكية الكبيرة‏,‏ فإن المستفيد الأول والأخير هم كبار الملاك‏,‏ وينفيذلك الإعفاء جميع حجج وأحاديث السعي للحصيلة لسد احتياجات الموازنة العامة وتخفيض العجز المتصاعد‏,‏ ويتعارض هذا التعديل المحير والغريب مع أبسط قواعد العدالة الضريبية ويشكل ردة في مسيرة ضرائب الدخل التي سعت دائما إلي خضوع جميع الأنشطةبغير استثناء في حين ان القانون وبجرة قلم وارضاء لأصحاب المصلحة والنفوذ استثني قطاعا اقتصاديا كاملا هو الزراعة من الخضوع لضريبة الدخل في ظاهرة ضريبية عجيبة ومريبة تضاف الي عجائب الدنيا السبع بلا خجل وبدون حياء‏.‏
غرائب وعجائب الإعفاءات غير المبررة للأنشطة الاستثمارية الخاصة
وتصل عجائب وغرائب قانون الضريبة العقارية الي قمة عالية من قمم الريبة والشك تجد مثيلها الوحيد في قوانين المستعمرات والمستعمرين من خلال قائمة الإعفاءات الأخري التي تضمنت المستشفيات والمؤسسات التعليمية‏,‏ وتضمنت الإعفاءات ايضا المستوصفات والملاجئ والمبرات‏,‏ وقد فهم خلال مناقشة القانون لإقراره أن المدارس والجامعات الخاصة ستخضع للضريبة‏,‏ وفهم كذلك أن المستشفيات الاستثمارية والخاصة ستخضع ايضا للضريبة‏,‏ ولكن اللائحة التنفيذية جاءت بالعجب العجاب التي يفصح عن طبيعة فلسفة القانون والفئات المستفيدة منه‏,‏ فقد حددت اللائحة التنفيذية ان الاعفاء للمؤسسات التعليمية يرتبط بخضوعها لإشراف وزارة التربية والتعليم أو التعليم العالي أو الازهر الشريف وليس هناك في الواقع مؤسسة تعليمية عامة أو خاصة لا تخضع لإشراف هذه الجهات بما فيها المدارس والجامعات الاجنبية ومدارس الإرساليات الدينية وغيرها‏,‏ وكذلك الحال بالنسبة للمستشفيات والمستوصفات والمبرات حيث اشترطت اللائحة أن تكون مرخصا بها من وزارة الصحة وليس هناك نشاط عام أو خاص أو استثماري يمكنه العمل والنشاط إلا بترخيص من وزارة الصحة مما يكشف عن حجم الإعفاءات الضخم والكبير الذي يمنحه هذا القانون بغيرمنطق وبدون سند مما يشكل اهدارا متعمدا للموارد العامة لحساب البعض علي حساب المجتمع والدولة‏,‏ ولو كان القانون يحرص بالفعل علي الابعاد الاجتماعية والإنسانيةللضريبة العقارية لقرر الاعفاء فقط للمستشفيات والمستوصفات والمبرات والمؤسسات التعليمية التي تقدم خدمة تطوعية مجانية أو شبه مجانية أو بالتكلفة الفعلية للمجتمع ويشرف عليها ويملكها ويديرها جمعيات أهلية من المجتمع المدني‏,‏ ولا ترتبط بالملكية الخاصة ومفهوم النشاط الخاص الساعي للربح وهو ما دفع وزارة المالية لأن تفرض ضريبةالدخل علي المشروع الصغير والحرفي وعمال اليومية بزعم العدالة وتطبيق قواعد الرأسمالية الصحيحة وما يتضمنه قانون الضريبة العقارية من اعفاءات لا يمكن ان تسمي إلا بالإعفاءات الكيدية مما يعد انحرافا تشريعيا جسيما يضر بالدولة والمجتمع والمواطن ويشكل هدرا متعمدا لموارد الخزانة العامة وهو ما يعد خيانة للأمانة وللمسئولية‏.‏
ولا تقتصر فوضي الإعفاءات في قانون الضريبة العقارية علي ذلك بل يصل الأمر الي ان القاعدة التي يتم تسويق القانون اعلاميا علي اساسها والقائلة بأن الوحدات العقارية التي تقل قيمتها عن‏500‏ ألف جنيه معفاة ولا تخضع للضريبة تعد قاعدة غير صحيحة دائما عند التطبيق‏,‏ لأن أي وحدة عقارية مهما كانت قيمتها حتي لو كانت قيمتها خمسين الفا وتؤجر سنويا بأكثر من ستة آلاف جنيه سيتم خضوعها للضريبة‏,‏ لأن شرطا من شروط الاعفاء لم يتحقق مما يدفع الي منازعات وصراعات لا أول لها ولا آخر بين الممولين ومصلحة الضرائب العقارية وهو ما يعكس التداخل في القانون بين مفهومين مختلفين لفرض الضريبة حيث يتبني القانون مفهوم فر ض الضريبة علي الدخل ويتبني في نفس الوقت مفهوم فرضها علي قيمة العقار خلاف الحكم المحكمة الدستورية العليا التي أكدت انه من أهم مبادئ الضريبة انها تفرض علي الدخل ولا تفرض علي رأس المال الا بصورة استثنائية حتي لا يتآكل رأس المال‏.‏
وحتي لا تضيع فرصة حقيقية للإصلاح الضريبي الشامل فإن تخليص قانون الضريبة العقارية من الاخطاء الجسيمة والفادحة يشكلخطوة مهمة لتأكيد احترام الدستور والقانون واحترام قواعد العدالة والمساواة وإعادة تأكيد الالتزام بثوابت العقد الاجتماعي وعدم تجاوز خطوطه الحمراء‏,‏ وفي نفس الوقت واللحظة اعادة الاعتبار لحقوق الخزانة العامة للدولة لدي جميع فئات المجتمع وتأكيد توزيع الأعباء العامة بين المواطنين بما يتناسب مع ثرواتهم ودخولهم وعوائدهم في كل الأنشطة والمجالات مع مراعاة الأقل دخلا والأكثر احتياجا وفقا لقواعد العدالة الضريبية المستقرة عالمية‏.‏
وفي ظل الأزمة العالمية الكارثية والمراجعات العاصفة للأصولية الرأسمالية وما نجم عنها من انحراف وفساد وعبث بمصائرالدول والأمم والشعوب وفي مقدمتها الدول الصناعية الكبري فإن عودة عقارب الساعة فيأعتي هذه الدول محافظة وأصولية مثل بريطانيا وامريكا‏,‏ واقرار سياسات جديدة للتصاعد الضريبي ترفع اسعار الضريبة علي الأكثر دخلا والأكثر ثروة مع زيادة قيمة الاعفاءات الضريبية الأساسية يحتم ان تعيد مصر تقييم توجهاتها الاقتصادية والمالية والنقدية والضريبية بما يتلاءم مع توجهات العالم وتصوراته وتصميماته بشكل عاجل‏,‏ ولا يستقيم الحال مع سعر ضريبي يصل في حده الأقصي الي‏20%‏ ويصل في التنفيذ الحقيقيالي ‏15%‏ وأقل من ذلك كثيرا في بعض التحليلات والدراسات‏,‏ في الوقت الذي تتصاعد فيه نفقات الموازنة العامة ويرتفع العجز ولا تزيد الإيرادات العامة وفي مقدمتهاالضرائب بنفس المعدل‏.‏
ويستحيل ان يلطم وزير المالية الخدود بغير حق لاحتياج الموازنة العامة للكثير من الأموال الضخمة لتلبية الاحتياجات العامة الكبيرة‏,‏ ويستمر في نفس الوقت في إعفاء توزيعات الأرباح علي ملاك الشركاتواصحابها من الضريبة‏,‏ وهي تبلغ للبعض مئات الملايين وللبعض الآخر مليارات الجنيهات ثم نبكي علي شح الموارد وقلتها‏,‏ ومجرد نظرة تقييمية علي توزيعات الأرباح لأصحاب رأس المال المعفاة من ضريبة الدخل وفقا للفلسفة الضريبية الغريبة والشاذة والبعيدة تماما عن ظروف الواقع واحتياجاته تكشف عن حجم الهدر الكبير والضخم بالقانون الضريبي لإيرادات هي حق للخزانة العامة وحق للتنمية وضرورة لتلبية طموحاتها المشروعة التي تأخرت كثيرا‏.‏
لابد من مراجعة دقيقة لاستراتيجية التنمية بجميع عناصرها ومشتملاتها وقطاعاتها‏,‏ ولا بديل عن مراجعة شاملة لتوجهات وسياسات التنمية وتشريعاتها المالية والاقتصادية بما يصب في خانةالتنمية الشاملة والتنمية المستدامة التي تسعي للارتقاء بمستوي معيشة المواطن‏, ‏وتوفير الخدمات العامة بجودة عالية والاهتمام المكثف بتوفير فرص العمل وتأهيل الثروة البشرية لرفع إنتاجيتها وكفاءتها ومهاراتها بما يواكب احتياجات سوق العمل‏,‏وبغير هذه الإجراءات الجذرية لا يمكن صناعة المستقبل المستقر والأمن المزدهر؟‏!‏

الأهرام 30/1/2010
منال الشيخ غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-06-2010, 11:43 AM
  #2
على أحمد على
 الصورة الرمزية على أحمد على
 
تاريخ التسجيل: Jun 2006
العمر: 77
المشاركات: 4,089
Icon28 أزمة الضريبة العقارية‏[2‏ ـ‏2]‏..صناعة فقاعة عقارية كارثية‏

أزمة الضريبة العقارية‏[2‏ ـ‏2]‏..
صناعة فقاعة عقارية كارثية‏
بقلم‏:‏ أسامة غـيث



يثير الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية الكثير من الجدل غير الحميد حول أفكاره وأفعاله وتصرفاته.




وكان قمتها وخلال الفترة الأخيرة حديث السفيرة ميرفت التلاوي وزيرة التأمينات الاجتماعية السابقة. عن مطالبته لها بإيداع حصيلة أموال التأمينات الاجتماعية المصرية في أحد البنوك الأمريكية وبأبسط المعاني فإن وزير المالية يرغب في حرمان مصر من مئات المليارات من الجنيهات وبدلا من توظيفها الآمن لدعم الاستثمار والتنمية فهو يضغط لنقلها خارج الحدود إلي بنك أمريكي ليوظفها ويستثمرها كما يشاء وبدرجة عالية من المخاطرة وعدم الأمان‏,‏ كما كشفت الأزمة المالية العالمية الكارثية ومع تجاهل قزقزة الوزير للب السوبر في مجلس الشعب ولغته الخشنة والعنيفة التي لم يسلم منها حتي المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المسئول عن متابعة ومراقبة الخزانة العامة وموازنة الدولة وصولا إلي اتهامه بسب الدين للمواطنين تحت القبة وغيرها وغيرها الذي يتجافي ويتنافر مع حضارة مصر والمصريين التي يباهون بها الأمم والدول والشعوب عبر الزمن والتاريخ وقد تجاوز الوزير جميع القيود والحدود والخطوط الحمراء بتصريحاته حول الضريبة العقارية التي صدم بها الشعب المصري الفرح والسعيد بتصريحات الرئيس حسني مبارك رئيس الجمهورية حول الضريبة والتي أكد فيها أن موضوع الضريبة العقارية لم يحسم بعد وطرح فيها مؤشرات مبدئية للحاجة للتغيير والتعديل للتشريع‏,‏ وفي اليوم نفسه خرج الوزير بتصريحات عنترية تؤكد أنه لا نية لتغيير القانون وأن القانون يكفل مزايا وتيسيرات عديدة في مزايدة مرفوضة شكلا وموضوعا بسبب قائمة طويلة من الأسباب غابت عن الوزير من أولها إلي آخرها‏.‏
ويؤكد شريط الذكريات العالمية المؤلمة والقاسية ليس فقط ضرورة حسم موضوع الضريبة العقارية من الألف إلي الياء ولكن أيضا ضرورة حسم موضوع وزير المالية من البداية للنهاية‏,‏ فهو يعيد إلي الأذهان نموذج وزراء المالية الذين أفرطت أمريكا والغرب والمنظمات الدولية في مدحهم والاشادة بانجازاتهم الخارقة غير المسبوقة وأحد الأمثلة كان كافللو وزير المالية الأرجنتيني مع نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين وكانت تقدم له القرابين علي مذبحة المقدس في المنتديات الدولية الكبري مثل منتدي دافوس وفجأة ظهرت حقيقة عبقريته الفذة مع الانهيار المدوي والصادم لاقتصاد الأرجنتين ومالية الأرجنتين وعملة الأرجنتين وتمتع كل أرجنتيني ذكرا وأنثي وطفلا وجنينا بفضله العميم والغامر حيث فاق معدل التضخم مائة ألف في المائة وخلت رفوف محلات السوبر ماركت من علامات الأسعار بحكم تغيره كل دقيقة وتحديده فقط لحظة الوصول إلي ماكينة الدفع والسداد وسبق كافللو في العبقرية السوداء وزير مالية المكسيك في أوائل التسعينيات وتحدث عنه اليمين المحافظ الأمريكي صاحب الايديولوجية الأصولية المسيحية الصهيونية باعتباره المخلص والمنقذ‏,‏ وفي النهاية تهاوت المكسيك علي يديه إلي القاع وانزلقت إلي قاع القاع وقد حصل وزير المالية المصري علي نفس شهادة الجودة من نفس دول ومنظمات ومنتديات المنشأ وامتدحه جورج بوش الأبن رئيس أمريكا السابق في أكثر من مناسبة لانجازاته الخلاقة‏,‏ وأضاف إليه بعد ذلك زميليه الوزراء الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار والمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة‏.‏
وفي نموذجي الأرجنتين والمكسيك كان يكفي فقط الاشادة بوزير واحد فقط حتي تقع الكارثة وتحدث الأزمة التي تفوق الخيال الجامح في أقصي حدوده ومداه ومع الأزمة المالية والأقتصادية العالمية وما أفرزته علي أرض الواقع من تغييرات عاصفة وجذرية في الفلسفات والتوجهات والسياسات في أعتي الدول الرأسمالية وما أدت إليه من سقوط اليمين المحافظ الأمريكي سياسيا واقتصاديا تحت ضغوط المراجعات الحتمية والضرورية التي فرضتها الكارثة علي الاصولية الرأسمالية الأمريكية ـ البريطانية وتطبيقاتها لاصولية اقتصادية فاسدة قائمة علي تألية السوق وعبادة صنمه الوثني المسمي بقوته الخفية القادرة علي التصويب والتصحيح تلقائيا لأعتي الأزمات والكوارث بعيدا عن تدخل الدولة وخارج نطاق دورها الرقابي وبعيدا عن ادعاءات قدرتها علي التصحيح والتصويب فإن معجزات الأرجنتين والمكسيك الوهمية وقبلها المعجزات الاقتصادية الكارثية للنمور الآسيوية والمرتكزة علي الحرية المفرطة للأسواق والإطلاق غير المحدود للقوة الخفية للأسواق في ظل دور هامشي للدولة وأجهزتها وعدم الالتفات بل وإهمال الوظيفة الاجتماعية والانسانية للدولة ورفض تدخلها لمساندة الأقل قدرة والأقل دخلا إلا في الحدود الدنيا والهامشية وترك ساحة الأقتصاد ليسودها الأقوي والأكثر نفوذا وسلطانا ويحوز مغانمها وغنائمها ولايترك إلا الفتات للغالبية العظمي من المواطنين مع عدم المبالاة الشديدة باختلالات توزيع الدخل والثروة القومية مهما كانت مروعة وصادمة بحكم يقين مطلق وغيبي لم يثبت ارتكازه إلي مفهوم أقتصادي حقيقي يقول إن الأغنياء سيقومون باستثمار أموالهم والفقراء سيقومون باستهلاك أموالهم الشحيحة لمواجهة احتياجاتهم الضرورية‏.‏
وعلي الرغم من فساد هذه النظريات الاصولية المتوحشة والمريضة وما أدت إليه من إفقار للفقراء وضياع لثروة قاعدة عريضة من الأغنياء في العالم المتقدم والنامي علي السواء إلا أن جذور هذه الأصولية مازالت موجودة بغير تعديل أو تبديل في الكثير من سياسات حكومة الدكتور أحمد نظيف والتي كان من الواجب أن تخضع لمراجعة عاصفة وشاملة بحكم أن هذه الأصولية تسربت إلي السياسات المصرية تحت مظلة توافق واشنطن وأحد الذي كان يعد روشتة الإصلاح الدولية الرئيسية المتفق عليها من الدول الكبري والمنظمات الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدولي في أوائل التسعينيات وتحركت بعض السياسات المصرية قليلا لتلامس توافق واشنطن اثنان المعدل للتوافق الأول وبقيت في هذا الجب المظلم بعد كوارث الأرجنتين الدامية التي دفعت العالم للانتقال إلي روشتة اصلاح جديدة صادرة عن اجتماعات برشلونة الاسبانية في عام‏2004,‏ وكان الدافع أو المبرر أن الرؤية الأمريكية الاصولية مازالت علي حالها لاتعترف بالتعديلات ولاتقر التبديلات‏,‏ وفي مواجهة كل هذه الروشتات القائمة علي الاصولية الاقتصادية كانت هناك روشتات صادرة عن مؤتمرات الأمم المتحدة التنموية تتحدث عن التنمية الشاملة والمستدامة ولاتعترف بآلة السوق بشكل مطلق وأعمي بل تعترف بضرورة التلازم بين اقتصادات السوق ودور فعال للدولة لضمان تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في نفس الوقت وتوفير فرص العمل والحد من تفاوت الثروة بالارتكاز علي منظومة ضريبية تصاعدية في أسعارها وأعبائها مع توفير الحوافز اللازمة لانطلاق المبادرة الفردية الخلاقة‏.‏
غياب المفهوم التنموي وسيادة منطق الجباية
ويقدم قانون الضريبة العقارية نموذجا متكاملا علي خلل المفاهيم التنموية والمالية الشديد التي يرتكز عليها القانون وأن وزارة المالية تطبيقا لنظريات وأيديولوجية وزيرها الراهن تضرب عرض الحائط بكل المصالح العامة والخاصة للقاعدة العريضة من المواطنين وتكشف عن أن هدف الجباية العمياء قد أصبح مطلبا في حد ذاته لمساندة التصويب الشكلي لمؤشرات رئيسية للموازنة العامة مع إهمال جميع السلبيات الحادة المترتبة علي تطبيق مايتضمنه القانون والمثال الصارخ علي ذلك نص القانون الذي يقضي بأن تؤول حصيلة الضريبة كاملة للخزانة ثم يقوم وزير المالية من خلال الموازنة العامة بتخصيص‏25%‏ من الحصيلة للمحافظات في نطاق كل محافظة وهو مايعني أن الاولويات المركزية وتوجهاتها القائمة علي امتداد السنوات الطويلة الماضية علي توفير القدر الأكبر من احتياجات بعض المحافظات وفي مقدمتها القاهرة والإسكندرية وإهمال احتياجات الغالبية العظمي من المحافظات ستفرض منطقها وسطوتها علي التخصيص في حين أن القانون العقاري السابق كان يقضي بأن تؤول كامل الحصيلة للمحليات مما يتيح لها بعض الفرص لتعويض نقص مخصصات الموازنة العامة للمحافظة وتدعيم الرؤية اللامركزية للحكم المحلي لتنفيذ مشروعات ذات ضرورة قصوي وأولوية محلية تخرج عن السياق العام للإنفاق والاستثمار‏.‏
وعلي الرغم من الاتفاق التام بين الخبراء والمختصين علي أن التنمية المحلية وتصاعد مشكلاتها يأتي علي رأس معوقات التنمية وفي مقدمة الضغوط التي تدفع الغالبية العظمي من المواطنين لعدم الشعور بثمار التنمية ونتائجها بحكم تركزها في نطاق جغرافي محدد علي مدي عقود طويلة من الزمن وبالرغم من الاتفاق أيضا علي ضرورة تدبير موارد ذاتية تساند الانطلاقة التنموية الاقتصادية والاجتماعية بالمحافظات واليقين بأن الضريبة العقارية يمكن أن تصبح المورد الأساسي لتحقيق أهداف الانطلاقة ثم جاء القانون الجديد للضريبة العقارية لينسف جميع هذه الآمال والطموحات باغتصابه للحصيلة‏,‏ لصالح الخزانة العامة معليا من شأن هدف الجباية وحشد الموارد والايرادات علي المستوي المركزي وتقييد قدرة المحليات علي التصرف والمبادرة ومواجهة المشكلات الحادة والمتصاعدة في ظل ندرة الموارد وشح التمويل وكل ذلك وحتي يتحقق لوزير المالية أن تكون له اليد الطولي والأولي والأخيرة في المنح والمنع وفقا لأولوياته المركزية التي يغيب عنها الكثير والكثير من أولويات الادارة المحلية بالمحافظات‏,‏ وكان من المفترض أن فرض الضريبة علي القري والنجوع أن يدخل الريف المصري عصرا جديدا تستخدم من خلاله حصيلة الضريبة العقارية للارتقاء بمستوي الحياة والمعيشة بهذه القري والنجوع وفقا لمخططات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل لانتشال الريف من أوضاع التخلف الشديدة ومن الانهيار البيئي والتلوث الحاد وتوفير الخدمات العامة والبنية الأساسية بمقاييس عصرية وحديثة ولكن هوس الجباية الأعمي أضاع كل هذه الفرص والطموحات‏.‏
تضخيم قيمة الأصول العقارية وصناعة فقاعة مالية كارثية
وفي حال تطبيق قانون الضريبة العقارية فإنه لابد وأن يتسبب في صناعة ظواهر مستجدة في النشاط الاقتصادي والمالي تدفع مصر للدخول في قلب العواصف المالية والعقارية العالمية بحكم أنه يصنع نفس المناخ المدمر الذي احاط بالفقاعة العقارية الأمريكية والأوروبية وغيرها من الفقاعات العقارية في دول الخليج العربي بما يتيحه من صياغة لأساس قانوني يفتعل قيما سوقية للملكية العقارية بتقديرات وحسابات إدارية وبيروقراطية وبمعايير تحكمية مكتبية ويؤدي ذلك إلي تقييم غير واقعي بحسابات السوق وتقديراته في المعاملات الحقيقية للبيع والشراء ومايصنعه وزير المالية وقانونه هو نفس ماصنعه الفساد والانحراف العقاري والمالي والتأميني في أمريكا حيث سمح الانفلات المؤسسي بتقييم قيمة الملكية العقارية بأكثر من حقيقتها اعتمادا علي تقييمات صورية مخادعة ومنحرفة تسمح في النهاية بالحصول علي قروض عقارية من المؤسسات المالية والبنوك وفقا للقيمة المرتفعة المغالي فيها للعقار وبما يتجاوز واقعيا قدرة المقترضين علي سداد الاقساط والفوائد ونتج عن كل ذلك رواج شديد في سوق العقارات لفترة زمنية ثم دخل كل شئ لمرحلة الانهيار مع العجز عن السداد وسقط السوق العقارية والنظام المالي في قلب الكارثة وفي دوائرها المفزعة وأفلست البنوك والمؤسسات المالية العملاقة والديناصورية وفقد الملايين ملكيتهم العقارية وأصبحوا مشردين بلا مأوي‏.‏
ومع تدخل مصلحة الضرائب العقارية في تقييم الملكية العقارية واصدارها لصكوك بقيم مالية لهذه الملكية وتعديلها بالزيادة كل خمس سنوات فإن عمليات الاقتراض بضمان هذه الملكية تصبح أكثر سهولة ويسرا وتتيح للمؤسسات المالية والبنوك الفرصة لتقديم قروض بضمانات شبه وهمية تخالف المفهوم الحقيقي لقيمة الأصل علي الأخص وأن القيمة السوقية الاقتراضية يرتبط بها قيمة اقتراضية للعائد والدخل ترتفع دائما مع اعادة التقييم الخمسي وبالتالي فإن القانون يسهم في جريمة كبري بتحويل جانب مهم ورئيسي من النشاط والمعاملات إلي خانة الافتراض والتقدير الوهمي ومع ترتب معاملات مصرفية ومالية عليها فإن الحسابات والتقديرات ستكون بعيدة عن الدقة وقواعد الأمان المصرفي والمالي والأكثر غرابة انه تحت دعوي التيسير وخفض الأعباء فإن المنشآت الصناعية وغيرها من المنشآت ستقل قدرتها علي الاقتراض بحكم قواعد حساب قيمة أصولها خاصة الأرض والتي يحددها القانون بقيمة مائتي جنيه للمتر المربع وفي حال الاقتراض بضمان أصول المنشأة ستكون هناك عوائق يصعب تجاوزها بحكم أن قيمة الأصول في حسابات وتقديرات الضريبة العقارية ستأتي بقيمة مخفضة وأي تعامل آخر لايأخذ في الاعتبار هذه القيمة التي ستصبح جزءا من النظام المحاسبي للمنشأة وموازناتها السنوية يصبح بالضرورة غير قانوني ويعرض مرتكبه للعقاب والمساءلة القانونية والاتهام بالتهرب من سداد القيمة الحقيقية للضريبية العقارية‏.‏
وفي ظل التداخل الغريب والمريب بين مفهوم فرض الضريبة علي الدخل ومفهوم فرضها علي قيمة العقار فإن التقدير المبدئي التي تقدمه مصلحة الضرائب العقارية للملكية العقارية حتي يبدأ تطبيق القانون ثم الدخول بعد ذلك في مرحلة تقدير جديدة تطبق بعد خمس وسنوات تدخل جميعها في نطاق التقدير الافتراضي غير الحقيقي ولكن المشكلة الحقيقية انه يترتب عليها التزامات فعلية ضريبية علي أصحاب الملكية العقارية حيث ستقوم مصلحة الضرائب العقارية بالمحاسبة علي أرباح وعوائد وهمية وبالتالي التقييم يترتب عليه ارتفاع القيمة الايجارية المقدرة والمحسوبة وبالتالي ارتفاع العبء الضريبي في ظل أن المالك يلتزم بسداد الضريبة وفقا لقيمة ايجارية حكمية ومفترضة ترتبط بالقيمة السوقية التي تحددها اللجان المختصة وفي حالة وجود مستأجر فإن عبء الضريبة لابد وأن ينتقل للمستأجرين مما يرفع ايجارات المساكن الخاضعة للقانون المدني بمعدلات عالية لاترتبط فقط بمعدلات التضخم ولكنها ترتبط ايضا بالقيمة السوقية الافتراضية ومايترتب عليها من أعباء ضريبية واقعية‏.‏
عودة التقدير الجزافي للضريبة‏..‏ وتفنين تبوير الأرض الزراعية
وتعني هذه المفاهيم المضطربة والمشوشة في الضريبة العقارية أن هناك ردة شديدة وفاضحة في النظام الضريبي المصري تهدم جميع جهود الاصلاح الضريبي لسنوات طويلة ماضية والتي ارتكزت ضمن ما ارتكزت علي الانتقال من مرحلة التقدير الجزافي للضريبة بكل مساوئه وجرائمه وبكل مانتج عنه من نزاعات وتهرب وقضايا وتعسف ضريبي في مواجهة القاعدة العريضة من الممولين إلي مرحلة جديدة يتم فيها فرض الضريبة بناء علي التقدير الفعلي للضريبة أي من واقع الدفاتر والمستندات الدالة علي الأعمال والأنشطة والأرباح والعوائد ولكن في ظل التقديرات الافتراضية لقيمة الملكية العقارية والتقديرات الافتراضية لقيمة الايجارات المتخذة أساسا لربط الضريبة فإن الضريبة العقارية تبنت المفهوم المتخلف القائم علي التقدير الجزافي الذي تملك تحديده وربطه السلطة الإدارية وهو مايخالف قواعد الفلسفة الضريبية الثابتة والمستقرة عالميا ويشكل ذلك عيبا جسيما في قانون الضريبة العقارية يحتم أن يلغي القانون جملة وتفصيلا وتمكين أهل الخبرة والاختصاص من اعداد مشروع قانون جديد ينال مايستحقه من الحوار العام الموضوعي والهادئ خارج نطاق مفاهيم الجرأة في الاعتداء علي قواعد الدستور وثوابته والاعتداء الغاشم علي القواعد الضريبية الثابتة والمستقرة‏.‏
وتتصاعد حلقات عشوائية وعدوانية التقدير الجزافي للضريبة العقارية حيث لاتتضمن قواعد رفع الضريبة ولاتتضمن اللائحة التنفيذية للقانون بما يفيد رفع الضريبة عن المكلفين بآدائها في حالة توقف المنشآت عن العمل الصناعية والخدمية وبالتالي لايؤخذ في الاعتبار أوضاع المنشآت المغلقة والمتوقفة عن العمل والنشاط ومايعنيه ذلك من عدم تحقق الدخل والربح والعجز عن سداد الضريبة ويعني ذلك عمليا زيادة الأعباء في حال التعثر بل ودفع المنشآت المتعثرة إلي الافلاس السريع بحكم أن القانون يفتح شهية مصلحة الضرائب العقارية لاتخاذ الكثير من الإجراءات لإلزام المكلف بسداد الضريبة بسدادها‏.‏
ويصل الأمر بالعقوبات إلي بيع الملكية العقارية ذاتها وفي حال العقارات السكنية يصل الحال إلي بيع مايتضمنه المسكن من عفش وفي حال المصنع لابد وأن يتضمن بيع المعدات والآلات وكل ذلك في حالة التأخر لسنة واحدة ميلادية وهي عقلية جباية يكشفها ويؤكدها أن ينص القانون علي معاملة الغرف المخصصة للحارس معاملة الوحدات السكنية بالرغم من كونها جزءا من خدمات العقار‏.‏
وفي ظل سيادة عقلية الجباية العمياء فإن قانون الضريبة العقارية يتعجل تقنين الاعتداء علي الأرض الزراعية بالبناء بحجة سريان الضريبة علي العقارات المقامة علي الأراضي الزراعية ويتجاهل القانون أوضاع التسيب والفساد الشديد بالمحليات وشيوع ظاهرة الاعتداء الاجرامي علي الأرض الزراعية بتواطؤ من أجهزة الحكم المحلي ويقدم ترخيص تقنين الأوضاع بشكل نهائي وكامل حيث يقضي بسريان الضريبة علي العقارات المقامة علي الأراضي الزراعية وعدم خضوعها لضريبة الأراضي ونقل خضوعها للضريبة العقارية طالما لايوجد محضر بالمخالفة وطالما تم توصيل أي من المرافق الاساسية إليها وكأن البناء علي الأرض الزراعية غير ممنوع في الأصل والأساس بالقانون وكان التغافل من الأجهزة المختصة عن تحرير المحاضر يتيح تقنين هذه الأوضاع ومساندة تبوير ثروة مصر الزراعية تحت ظلال وزارة المالية وأجهزتها المختصة التي يفترض فيها الحرص الشديد علي مصالح الدولة المصرية‏.‏
‏{{{‏
بالقطع فإن فرض الضريبة العقارية علي القصور والفيلات والمنتجعات السكنية والسياحية وقري الساحل الشمالي والبحر الأحمر وسيناء وغيرها من صور وأشكال الاسكان الفاخر والترفي يعد ضرورة اقتصادية واجتماعية ويمكن أن يحقق ايرادات للخزانة العامة بعشرات المليارات من الجنيهات وكان من الممكن تطبيقه وتنفيذه بتعديلات تشريعية علي قانون الضريبة العقارية القديم بشكل واضح ومحدد وبغير الحاجة إلي الصدام مع الغالبية العظمي من أبناء الدولة والمجتمع الذين تستفزهم وتثيرهم جميع صور وأشكال الاسكان الفاخر والترفي ويتعجبون لعجز القانون والتشريع عن اخضاعه للضريبة العقارية في تجاهل مستفز لحقوق الدولة والمجتمع والخزانة العامة‏.‏
وفي نفس الوقت واللحظة كان من الممكن أن يقبل المجتمع فرض ضريبة عقارية علي الريف بشكل بسيط وبسعر ضريبي معقول يأخذ في الاعتبار أوضاع أهل الريف وظروفهم ودخولهم وثرواتهم وكذلك حدود ثقافتهم ومعارفهم وافهامهم ولايدفعهم وفقا إلي دوامات القيمة السوقية لعقاراتهم التي هي سكنهم الخاص وسكن أولادهم وحقيقة أن العقار بصورته الحالية هو نتاج مشاركة أكثر من جيل في البناء والاضافة ثم يفاجأ الكثيرون من أهل الريف بأن سكنهم الخاص تبلغ قيمته مليون جنيه أو أكثر بحكم بدعة القيمة السوقية الافتراضية البيروقراطية ويكشف ذلك عن حقيقة فلسفة القانون وقواعده وتصادمها المريب مع القاعدة العريضة من المواطنين الأقل دخلا والأقل ثروة والأقل مقدرة مالية وقدرة معيشية وأن الحديث عن أصحاب القصور والفيلات والمنتجعات ماهو إلا زوبعة في فنجان لأن ماسيدفعونه ويتحملونه يشكل في النهاية والبداية الفتات وغثاء السيل بالمقارنة بثرواتهم وأرباحهم وعوائدهم ومقدرتهم التكليفية في حسابات الأعباء الضريبية وتقديراتها‏.‏
ولو كانت الحكومة تعمل بالفعل تحت مظلة قوانين السوق لكانت بدأت بأولي خطوات الاصلاح العقاري الجادة والضرورية من خلال رؤية متأنية ودقيقة للملكية العقارية المقيدة بقانون الايجارات القديم والتي يحصل في ظلها ملاك القاعدة العريضة من العقارات علي الفتات بكل معني الكلمة مقابل ملكيتهم العقارية في تجاهل مريب لحقوقهم وملكيتهم ولايعني ذلك المطالبة باستعادة الحقوق بين يوم وليلة ولكن من خلال نظام متدرج يبدأ باقرار الحد الأدني ويتصاعد بمعدلات سنوية تراعي جميع الأوضاع وجميع الحسابات وتحافظ علي الاستقرار والأمن المجتمعي والأمان الاقتصادي لجميع الأطراف وهو مالايشكل معضلة قومية تستعصي علي الحلول الناجحة والفاعلة ولكنه لون من ألوان التقاعس المرضي والعجز عن ادراك طبيعة المشكلات التي تتصاعد تحت السطح وتلتهب وتنذر بالفوضي والانفلات؟‏!‏
المصدر جريدة الأهرام المصرية 6/1/2010
__________________
Ali Ahmed Ali

التعديل الأخير تم بواسطة على أحمد على ; 02-06-2010 الساعة 12:36 PM
على أحمد على غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:40 AM