![افتراضي](images/icons/icon1.gif)
مشاركة: التسويق من الالف الي الياء
لا تخدع نفسك...
كلّ الأفكار في عيون أصحابها غزلان:
الخطوة الأولى في أيّ خطة بداية هي إجراء دراسة السوق لإثبات صواب الفكرة و إمكانية تنفيذها. إن الانطلاق في تنفيذ خطة العمل دون دراسة السوق هو كالإقدام على تجاوز هوةٍ سحيقة بالمرور على حبل.
نعم تأكدنا من متانة الحبل.... و لكن ماذا يجدي التأكد من متانة الحبل إن كانت العقد التي تثبته على الطرفين واهية؟ ما تغني متانة الحبل إن انحلّت العقد و المغامر معلّق في منتصف المجاز؟ ألم يصبح من المؤكّد هنا اختلال توازن المغامر و سقوطه؟!
قد يكون من الغريب أن تنتهي كل صوري التشبيهية المختلفة إلى تأكيد النتيجة المفجعة التي لا بدّ من أن يصل إليها المغامر المتسرّع و لكن الأغرب من ذلك حقاً أنّ دراسة السوق بالرغم من وضوح أهميتها تبقى خطوةً يغفل عنها كثير من الروّاد أحياناً أو يتعمدّون تجاهلها غالباً.
جوهر المشكلة هنا هو أن كثيراً من الروّاد يخشون من أن تريهم دراسة السوق الموضوعية ما لا يريدون رؤيته. أجل إن فكرتهم العظيمة هذه بالرغم من كل شيئ و قبل كلّ شيئ هي وليدةُ أدمغتهم الأثيرة و التي لا تكادُ تبقي محبّتها مجالاً لملاحظة ما فيها من نقائص. و هكذا يقعون ضحية ما أسميه "متلازمة الطفل البشع ugly baby syndrome".
كلّ فكرة في عين صاحبها غزال:
إن كنت تريد لأفكارك الحياة في السوق فانظر إليها بعين السوق الموضوعية العمليّة و ليس بعين الوالد المحب بسبب و بدون سبب.
من الصعب جداً على أيّ إنسان تقبّل مرارة الحقيقة و الإنصات لدراسة السوق و هي تقول عن فكرته الحبيبة الرائعة الجمال إنّها بشعةٌ لا تكادُ تجدُ أحداً في السوق يبالي بها.
و لذلك نجد كثيراً من الروّاد يتعمّدون التغاضي عمّا تبينه دراسة السوق، و يندفعون إلى تنفيذ مخطّطاتهم مخادعين لأنفسهم وعائلاتهم و المستثمرين و متوهّمين أنّهم يعرفون الأسواق خيراً ممّا تعرف أنفسها.
و لهذا الصنف من الروّاد لديّ وصفٌ واحد: إنّه صنف المغفّلين الذين تمتلئ بهم عوالم الفشل في دنيا الأعمال.
أن تكون حذراً خير من أن تكون نادماً
و خطوةٌ على نور أسرع من عشر في ظلام
بناءً على ما سبق نرى أنّ دراسة السوق هي الخطوة المهمّة الأولى في عملية التأسيس لأن الدراسة المنهجية السليمة هي التي تبيّن لك بوضوح و واقعية وجود أو انعدام الأسواق الملائمة لفكرتك.
إن بيّنت الدراسة وجود سوقٍ ملائمة فأنعم بذلك! و هلمّ إلى الخطوات التالية، و إن بيّنت لك سوقاً مريبةً معاكسة خيرٌ لك الاّ تدخلها فهنيئاً لك أيضاً لأنك أدركت ما ينبغي إدراكه قبل تكبّد التكاليف و المشاقّ.
بالإضافة إلى مساعدتك في تقرير الشروع في تنفيذ الفكرة أو الإحجام عنها تعينك دراسة السوق على التفهّم الأفضل لخصائص و ظروف السوق التي تقدم على العمل فيها. مثالياً يفترض في السوق الملائمة أن تكونَ متعطّشةً إلى المنتج، و كبيرةً، و سهلة الوصول، و فيها وفرةٌ من أصحاب الدخل المناسب المهيّئين للإنفاق مقابل الحصول على منتجك أو خدمتك.
إذا أردت البيع في السوق...
فلا تفكّر لنفسّك فكّر للسوق:
- ينبغي أن تكون السوق متعطّشةً تدرك حاجتها -أو يمكن تنبيهها إلى حاجتها- إلى المنتج الذي تقدّمه. إن لم تتحقّق من هذا الشرط ستجد نفسك تكافح عبثاً لببيع منتجك في سوق غير مبالية لا حاجة لها بمنتجك. إنني أشبّه التجاهل او التساهل في بحث حاجة السوق و تعطّشها بمحاولة بيع نباتات الزينة المنزلية الرائعة لمشرّدين لا يجدون سقفاً يؤويهم.
أكاد لا أحصي المرات التي جمعني فيها عملي الاستشاري بروّاد تمتلئ رؤوسهم بقناعة أن لديهم أفكارا عملٍ خارقةً "لا ينبغي و لا يمكن لأحدٍ تفويتها" و لكنّ تلك القناعات كانت مبنيةً على الآمال و الطموحات و ليس على معطيات العالم الواقعيّ. أجل إنهم واقعون في غرام أطفالهم البشعين و لا يمكن لآذانهم أن تسمع حقيقة "لا مكان لأفكاركم في السوق".
مجرّد أنّك تعشق فكرتك و تمتلئ إيماناً بروعتها لا يعني أن كثيراً من الناس سيحذون حذوك. و إذاً ينبغي عليك أن تقوم بدراسة السوق دراسةً صحيحة، و أن تحترم نتائج الدراسة و تعدّل طموحاتك و خططك تبعاً لها.
مصادر دراسة السوق وفيرة و رخيصة
و السؤال الأهم هو من يطلبها و كيف يستخدمها؟
بفضل تطوّر خدمات الإنترنت أصبح إجراء البحث في كثير من الحالات بسيطاً بساطة التوجّه إلى محرّك بحثك المفضَل و كتابة اسم المنتج و الصناعة اللذين تفكّر فيهما. بعد ذلك ستجد أمامك قوائم بالمنظمات و الاتحادات الناشطة في ذلك المجال و التي ينشر الكثير منها إحصاءات و دراساتٍ عن صناعاتها و تتيحها للمهتمّين مقابل رسوم معينة أو مجاناً.
في حالتي أنا التي أعرضها عليكم في هذه المقالات " إنشاء متجر تجزئة" وجدتُ اتحاداً زوّدني بثروةٍ قيّمة من المعطيات الخاصة بالسوق و بمجال العمل مقابل بضع مئات من الدولارات و هو الأمر الذي وفّر عليّ فترات بحث مديدة مضنية. ما دفعته كان استثماراً مجدياً و المعطيات كانت معمّقة متقنة التسديد إتقاناً ما كان لي أن أحقّقه بنفسي.
الحكومات المحليّة أيضاً تنشر معطياتٍ خاصة بالأسواق و الصناعات المختلفة و كثيراً ما تتيحها مجّاناً ( و بالتأكيد نحن دافعي الضرائب لا ننسى أننا ندفع ثمن هذه الخدمة سلفاً) و يمكنك أيضاً أن تجد على الإنترنت الكثير من المعلومات من خلال المنتديات التخصصية و المجموعات الإخبارية و ما شابهها من مصادر لا يفتر نشوؤها و تطوّرها.
منافس عاقل يعلّمك و يفيدك أكثر من نصيرٍ جاهل:
لا تنس البحث في معطيات منافسيك المحتملين. إن نشاطهم و تجاربهم يمكن أن تعلّمك أشياء لا يعلمك إيّاها أيّ مصدر آخر.
أجريتُ بحثي الميداني بالتجول و التأمّل داخل متاجر منافسيّ المستقبل و ملاحظة جوانب مختلفة مثل: انتقاء السلع، والتسعير، وخدمة الزبون.
إن قيامي بذلك أعانني في توثيق نظريّتي القائلة بأنّ السوق التي كنت أرنو إليها سوف تدعم قيام متجر أنيق متلألئ بأسعارٍ معتدلة و خدمة زبون ممتازة.
و ينبغي عليك أيضاً إجراء دراسة السوق الموضعيّة في المنطقة المحيطة بالمتجر الذي تنوي افتتاحه حتّى تعرف إن كانت المنطقة كافيةً لتحمّل أعمالك.
أجل قد يكون لديك منتج رائع تتوفّر له سوقٌ ملائمة و لكن ليس في الشارع الذي تنوي افتتاح متجرك فيه. إن دراسة السوق الموضعيّة هي التي تعينك في اختيار الموقع الأمثل لمقرّ عملك الجديد.