مشاركة: العولمة ، وتنسيق المعايير المحاسبية
3- النظام
السياسي وميزان الملكية الفكرية بين القطاع العام والخاص: تلعب الشركات الحكومية في الغالب دورا مهما في التطور الاقتصادي في البلد . وتختلف طريقة إعداد التقارير المالية في القطاع الخاص عنهما في القطاع العام تبعا للحاجات المختلفة للذين يطلعون على المعلومات الواردة في التقارير. ففي حالة القطاع العام، وفي البلدان التي يخضع الاقتصاد فيها لسيطرة الدولة المركزية ، نرى أن التأثير الحكومي على عملية إرساء المعايير يميل إلى أن يكون أقوى بكثير مما هو عليه الحال في البلدان الأخرى، إذ يدخل ضمنها متطلبات الإبلاغ التي تهدف إلى إبراز جوانب التطور الاجتماعي والتطور الاقتصادي الشامل إلى جانب اوجه الإبلاغ ذات الطابع المالي الصرف.
4. مستوى التقدم الاقتصادي: في البلدان النامية نجد أن ملكية الشركات تميل إلى ان تكون في يد عائلات معينة وغالبا ما تتركز في أيدي مجموعة صغيرة من الأرستقراطيين الأثرياء . في المقابل نجد انه جنبا إلى جنب مع الشركات التي تديرها العائلات فان الحكومة تميل إلى تملك عددا اكبر من الشركات. وفي الوقت نفسه نرى أن الاحتمال ضئيل في وجود عدد كبير من المحاسبين القانونيين الذين يزاولون المهنة ويعملون على تطوير الروح المهنية في المحاسبة. وهكذا نرى ان غياب الحاجة وعدم المقدرة على إعداد تقارير مالية رفيعة المستوى لهما تأثير قوي على الحد من قدرة البلدان المذكورة على تطوير معايير محاسبية بالمعنى الحقيقي للكلمة.
5. النظام الضريبي: في بعض الحالات قد يكون للنظام الضريبي وما يرافقه من تشريعات اثر لا يستهان به على تطوير معايير الإبلاغ المالي. على سبيل المثال نرى أن الأسلوب المحاسبي الذي ينص على ان " الوارد أخيرا يصدر أولا" في الولايات المتحدة يستخدم فقط للأغراض الضريبية في حالة ورودها في التقارير المالية.
6. وجود مجمع محاسبة مهني : إن وجود هيئة محاسبية مهنية نشطة يساعد على تنظيم متطلبات الامتحان والتسجيل فيها، وعلى العمل كنواة مهنية ، وعقد المؤتمرات واعداد المواد التعليمية وأنواع أخرى من الإصدارات . كما أنها في الغالب تهيئ الجو المناسب للتعليم والأبحاث، وتشجع وتعزز تطوير معايير وممارسات محاسبية، كما أنها ترصد جوانب الالتزام بالمتطلبات. وفي مثل هذه الظروف قد تجد الحكومة إن من الأنسب لها ، ربما من خلال جهاز تنظيمي ، إن تعهد بمعظم الأعمال المتعلقة بإرساء المعايير إلى العاملين في مهنة المحاسبة . وعندما لا تكون مهنة المحاسبة قد بلغت مستوى من التطور يؤهلها للقيام بهذه الأدوار مجتمعة فقد يصبح من الضروري إن تزداد نسبة التدخل الحكومي في المهنة وفي الإجراءات التنظيمية.
7. طرح الأسهم في الأسواق الخارجية: إن الحاجة إلى جذب المستثمرين الأجانب، سواء على شكل استثمار مباشر او من خلال محافظ استثمارية ، تستدعي أن يكون في البلدان النامية نظام مقبول لتقديم إقرارات البيانات المالية. و أحيانا قد يكون ذلك حافزا اكبر على تطوير معايير محاسبية سليمة مما لو اقتصر الأمر على حاجات الشركات المحلية في البلد نفسه ، نتيجة لذلك نرى أن المنظمة الدولية للجان الأوراق المالية هي عضو في مجلس إدارة لجنة معايير المحاسبة الدولية، كما أن لها القول الفصل في اعتماد المعايير المذكورة.
من خلال استعراضنا للعوامل التي كان لها تأثير عملية وضع المعايير نستطيع أن نرى سبب التباين الكبير في معايير الحاسبة الوطنية التي اتخذت في كثير من الأحيان أشكالا مختلفة في أنحاء العالم مختلفة من العالم. من جانب آخر فانه رغم أن المعايير الوطنية تتباين بتباين الظروف التاريخية ، إلا أن ذلك ليس سببا يحول دون إمكانية تحقيق توافق بينها، وفي الوقت الذي نسير فيه نحو اقتصاد عالمي متكامل يجب علينا أن ننشط لصياغة معايير محاسبية عالمية معترف بها رسميا، وهذا يقع ضمن اختصاص منظمة التجارة العالمية، إلا انه يجب على هذه المنظمة المشاركة مع المنظمات الرئيسية التي تتولى مسئولية هذه الأمور وهي الاتحاد الدولي للمحاسبين ولجنة معايير المحاسبة الدولية ، إلى جانب مجموعة الخبراء العاملة الحكومية التابعة للأمم المتحدة لمعايير المحاسبة والإبلاغ الدولية.
وفي الوقت الذي نسعى فيه نحو تحقيق هذا الهدف فان من السهل نسبيا للبلدان النامية أن تنظيم في نظام جديد حيث أن العديد منها اعتمد معايير المحاسبة الدولية الصادرة عن لجنة معايير المحاسبة الدولية على إنها معاييرها الوطنية مع تعديل بسيط او بدون تعديل. ولكن الوضع مختلف بالنسبة للبلدان المتقدمة بما لها من تقاليد عريقة وممارسات طويلة على النحو الذي أسلفنا إليه، فانه لا بد من القبول بتغييرات وتسويات جوهرية وهو ما حصل فعلا في كثير من الأحيان بالنسبة لإجراءات التحرير التي تمت بناء على الاتفاقيات مع منظمة التجارة العالمية.
من المهم أيضا أن نذك انه في الوقت الذي يتم فيه إحراز التقدم في هذه الأمور، فان من المهم أن يتمسك الاتحاد الدولي للمحاسبين ولجنة معايير المحاسبة الدولية بما التزمت به منظمة التجارة العالمية من التحرير متعدد الأطراف مقابل الالتزامات ثنائية الأطراف. وان يعملا على مساندة هذه الفكرة في الوقت نفسه. ومن المهم كذلك أن تدرك هاتان المنظمتان أن منظمة التجارة العالمية أخذت بناصية الأمور من منظمات وطنية ودولية أخرى ، وان تدرك إن المحاسبة باعتبارها خدمة مهنية ، إنما يقع تنظيمها على عاتق منظمة التجارة العالمية.
بالرغم من الصعوبات العديدة التي تعترض هذا الموضوع، فقد تم إحراز الكثير من التقدم في معايير المحاسبة العالمية، كما يتوقع إحراز المزيد من التقدم في هذا المجال . وكلما تم تحقيق ذلك بشكل أسرع كان ذلك افضل ، حيث أن ذلك سييسر سبل الاتصالات ويزيد من إمكانية الاعتماد على البيانات المالية، وهو أمر سيعود بالنفع على الدول النامية والدول المتقدمة على حد سواء.
من جانب آخر فقد تم قطع شوط طويل وتحقيق قد لا يستهان به من التقدم فيما يتعلق بمعايير المحاسب، إلا أن هناك ناحية هامة ووثيقة الصلة بذلك تجاهلتها إلى حد كبير المنظمات الدولية المعنية إلا وهي التعليم المحاسبي وتأهيل واعتماد المحاسبين.
التأهيل والتعليم المحاسبي العالمي
اذا أردنا أن تتلك مساعينا بالنجاح ونتمكن من تحقيق ما نرغب فيه من وجود معايير محاسبة عالمية وتجارة حرة عالمية فان من المنطقي أن تكون هناك معايير عامة لتوفير مثل لهذه الخدمات الهامة من خلال إطار للتأهيل المحاسبي على النطاق العالمي. ورغم أن هناك حاجة واضحة لصياغة مؤهل محاسبي عالمي فقد تجاهلت هيئات المحاسبة الدولية إلى حد ما هذا الأمر . لذلك سأعرض على حضراتكم بعض الأفكار التي تمس جوانب التأهيل والتعليم ضمن إطار العولمة.
1. التجارة في الخدمات المهنية (منظمة التجارة العالمية) – اذا أردنا تحرير التجارة في خدمات المحاسبة المهنية فان الحاجة تستدعي أن تكون هناك طريقة لتقييم مستويات المعرفة المهنية للمحاسبين ضمن إطار نسبي. والذي يحدث في الوقت الراهن هو ان الدول المختلفة تتبع أساليب مختلفة لتأهيل المحاسبين حيث ان بعضها يمنح التأهيل على مستوى أعلى من غيره.
2. هناك حاجة إلى محاسبين مؤهلين يستطيعون تقديم تقارير مالية تكون متمشية مع معايير المحاسبة الدولية.
3. المشاكل الخطيرة في الدول النامية الخاصة بتعليم وتأهيل محاسبيها على مستوى يتناسب مع مستوى المحاسبين في البلدان المتقدمة. وكان من نتيجة ذلك ان نرى ان الشركات الدولية ليست مجبرة على إحضار محاسبين من بلدان أخرى وحسبن ولكن اقتصاديات الدول النامية مؤهلين إلى الوقوع في دائرة مفرغة لا يمكن فيها رفع مستوى معايير التأهيل بسبب عدم وجود أشخاص قادرين على إعدادها ونشرها وممارستها.
إن من يدرس الملاحظات المذكورة أعلاه قد يبدو له أن الحاجة إلى مؤهل محاسبي عالمي أمر واضح. ففي الجلسة التي ترأستها عام 1993 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك المجموعة الخبراء العاملة الحكومية لمعايير المحاسبة والإبلاغ الدولية isar صوتت المجموعة بالإجماع على قرار بخصوص إعداد معايير تأهيل عالمية وطالبت الاتحاد ifac بتولي الموضوع . ونتيجة لعدم رغبة الاتحاد في ذلك فقد تولت الموضوع لجنة تتألف من مجموعة الخبراء في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية unctad . وقامت اللجنة ، التي أتولى رئاستها حاليا، بوضع برنامج عمل قابل للتطبيق إلى حد كبير. وقد اجتمعت اللجنة في جنيف في تشرين الأول (أكتوبر ) 1997 لمراجعة المنهج العالمي المقترح . ولعل افضل ما يمكن القيام به في هذا المجال أن يقوم الاتحاد بالعمل مع اللجنة المذكورة ومع مجموعة الخبراء العاملة الحكومية isar بروح من التعاون الجاد . كما نرى ان المستحسن إن يدرك الاتحاد إن مؤتمر الأمم المتحدة unctad هو أهم مركز ضمن أجهزة الأمم المتحدة للعمل على توحيد وتنسيق معايير المحاسبة للشركات والهيئات.
لقد كانت الدول النامية أثناء مناقشات الجات وحتى تأسيس منظمة التجارة العالمية تستريب منذ أمد طويل من فكرة التجارة الحرة ومن نوايا الدول المتقدمة . ولكن مع فشل البدائل عن إطار السوق الرأسمالية الحرة واستمرار تقديم المساعدة والعون و إعطاء التأكيدات والتقدم بحلول وسط من جانب الدول المتقدمة ، فان الدول النامية قبلت بالتوقيع على منظمة التجارة العالمية على أمل الاستفادة مما تعد به المنظمة من التجارة الحرة وتحقيق الازدهار لجميع الأطراف. ولم يكن من الممكن التوصل إلى ذلك إلا من خلال مراعاة الجوانب التي تهم الدول النامية وطمأنتها بخصوص الأمور التي تثير قلقها . أن غريزة حماية النفس موجودة لدى الجميع وبطبيعة الحال لا غبار عليها ويمن تفهمها. لذلك فانه في الوقت الذي تسعى فيه منظمة التجارة العالمية لتحقيق أهدافها في العولمة فان الاتجاهات نحو سياسة الحماية، مثلما حدث مع الاتحاد الدولي للمحاسبين ، ستسقط لا محالة على جانبي الطريق. من جانب آخر فإنني اعرف أن هناك عددا كافيا من مؤيدي التجارة الحرة والتنمية الاقتصادية العالمية يمكن لنا في الدول النامية أن نعتمد على مساندتهم ودعمهم في سعينا نحو التحسن والتقدم.
ليس هناك من شك في إننا سنشهد تحقق معايير المحاسبة الدولية وكذلك التوصل إلى نظام التأهيل المحاسبي العالم. وان إرساء هذه المعايير الدولية والاعتراف بها على نطاق واسع سيعملان على تحديث مهنة المحاسبة وجعلها متفقة مع الاتجاه نحو العولمة، وعندما تكتسب مهنة المحاسبة بالفعل طابعها العالمي فانه يصبح بإمكاننا أن نأمل حتى في قدر اكبر من السعي نحو تحقيق اقتصاد عالمي بالمعنى الحقيقي للكلمة.
أشكركم على حضوركم جميعا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طلال أبوغزاله
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله
if you fail to plan you plan to fail
كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم